مع حلول الأعياد اليهودية في كلٍ من شهر أيلول/ سبتمبر؛ وتشرين أول/ أكتوبر؛ وأبريل/ نيسان؛ ومايو/ أيار من كل عام، يقترب شبح الاقتحامات الحاشدة التي تدعو لها منظمات متطرفة يُطلق عليها "أمناء جبل الهيكل"، إذ تضم حركات نسائية وطلابية وتمتلك وسائل حشد متعددة بدعم كامل من يهود العالم.
صبيحة أول أمس كانت مقدمة لهذه الاقتحامات الموسمية؛ حين دخل أكثر من 300 مستوطن بلباسهم الديني الكهنوتي ساحات المسجد الأقصى ضمن فعاليات ما يسمى "عيد العرش اليهودي"، وكان من ضمن المُقتحمين عضو الكنيست المتطرف "ايهودا غليك" الذي تعمّد أداء الطقوس التلمودية أمام باب القطانين، وآخرون أدّوها أمام باب السلسلة.
من جانبه حذر د. ناجح بكيرات مدير مؤسسة أكاديمية الأقصى للقرآن من خطورة هذه الاقتحامات التي تأخذ الطابع الديني التلمودي؛ لا سيما أنها تتضمن شعاراتٍ عنصرية تدعو إلى هدم المسجد الأقصى؛ و إقامة الهيكل المزعوم وتقسيم المسجد الأقصى؛ وبناء كنيس في المنطقة الشرقية؛ وفتح باب الرحمة المغلق.
واعتبر بكيرات مواسم الأعياد اليهودية توقيتاً لتجديد الحرب على المسجد الأقصى تشارك فيه شخصيات يهودية وازنة من أعضاء أحزاب و أعضاء كنيست وحاخامات لا ينفكون عن إصدار فتاوى عنصرية بشأن المسجد الأقصى ومكوناته من مصاطب وساحات وقباب.
وشدد على ضرورة فضح الاحتلال وعنصريته تجاه المسجد الأقصى الذي يحمي هذه الاقتحامات بكل الوسائل بما يضمن استمراريتها؛ عبر مشاركة أكبر عدد ممكن من المتطرفين أصحاب المخططات السوداء، مشيراً إلى أن حماية الاحتلال لهم دليلٌ واضح على دعمه لمخططاتهم؛ فما يظهره من حيادية لا ينطلي على أحد.
وأضاف: "في كل عامٍ تُفرض القيود على المصلين والمرابطين؛ وفي المقابل تُمنح التسهيلات للمقتحمين، فهناك المئات من المبعدين والمبعدات ومن ضمنها شخصياتٌ مركزية في تاريخ المسجد وغيرهم من الحُراس والموظفين في دائرة الأوقاف، وهذا المنع هدفه تسهيل مهمة الاقتحامات بدون أي معوقات، لأي أحدٍ يظهر عدم رضاه عن هذه الاقتحامات سرعان ما يتم استهدافه على الفور ".
د. عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى؛ قال لــ فلسطين :" ما جرى من اقتحامات للمسجد الأقصى في الآونة الأخيرة يؤكد ما حذرنا منه سابقاً؛ أن الاحتلال ماضٍ في خطواته التهويدية والتي تتضمن التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى؛ محاولاً جسّ النبض دائماً".
وأضاف أن الاحتلال استغل الإغلاق الكامل للضفة الغربية وحرم المواطنين من الصلاة في المسجد الأقصى من أجل التقليل من عدد الوافدين إليه في رحلات "شد الرحال" الأسبوعية التي تنطلق من مدن الضفة، كذلك وضع العراقيل أمام أهالي الداخل الفلسطيني، وحسب وجهة نظره أن هذا الإصرار من المؤسسة الإسرائيلية على تنظيم اقتحاماتٍ واسعة في فترة الأعياد يحمل رسالة خطيرة يجب قراءتها جيداً".
واستنكر ما رآه من مشاهد للمستوطنين برفقة قادتهم وهم يؤدون طقوسهم التلمودية مُتمرغين على الأرض أمام أبواب المسجد الأقصى ، وفي ساحات المسجد الداخلية؛ قائلاً :"هذا أمرٌ خطير دُبّر بليلٍ لتدنيس المسجد الأقصى".
وفي السياق نفسه يقول مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني لــ "فلسطين" :"تكمن خطورة هذه الاقتحامات في الأعياد اليهودية بأنها تتجدد بطابع أكثر جرأة على المسجد الأقصى في كل عام عن الذي قبله؛ مشيراً أن هذه الوتيرة المتصاعدة في الاقتحامات تأتي في سياق الحرب المُعلنة على المسجد الأقصى منذ عشرات السنين والتي بلغت ذروتها وخطورتها في هذه الأيام، وذلك بعد سلسلة من الإجراءات طالت منابع المسجد الأقصى من إبعاد واعتقال وحظر لأنشطة المرابطين ومصاطب العلم؛ واعتبار كلمة "الله أكبر" تهمة يُعاقب عليها من يصدح بها أمام المقتحمين من المستوطنين؛ حسب قوله.