يواصل الاحتلال انتهاك حرمة المسجد الأقصى والاعتداء على المرابطين الذين منعهم من دخول الأقصى في ظل الممارسات العدوانية التي ينتهجها الاحتلال ضد الفلسطينيين، لمواصلة الاستيلاء على الأماكن المقدسات الإسلامية على أرض فلسطين، تحديدًا في القدس، ونابلس، والخليل، وبيت لحم، وأريحا، كما وترتبط هذه الاعتداءات بتوجهات حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة والتي جاءت لتسريع مراحل تهويد القدس، وتنفيذ إجراءات ضم الضفة الغربية ضمن إستراتيجية أعدها الاحتلال منذ سنوات طويلة، بالرغم من أن الإدارة الأمريكية الحالية ترفض السلوك الصهيوني الذي يُعجّل من تنفيذ المخططات الصهيونية، باعتبار أن العمل في هذا السياق ينبغي أن يكون ضمن خطط منفصلة وبأوقات زمنية مختلفة، وألا تكون حزمةً واحدة، في ظل البحث الأمريكي عن توسيع الاحتلال لعلاقاته في المنطقة وألا تصطدم تلك المحاولات بآثار السلوك الصهيوني في المنطقة.
التوجه الأمريكي الحالي والرافض لسلوك حكومة نتنياهو، لا يعبّر عن عدالة الإدارة الأمريكية، بل يشي بأن اختلاف السيناريوهات الأمريكية والصهيونية في الأراضي الفلسطينية تقود جميعها لنفس الهدف، وهو حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة، وعلى رأسها الدولة، والأسرى، والمقاومة، والهوية، وهي مضامين تخلت عنها الإدارة الأمريكية بعد التوقيع على اتفاق أوسلو، وحيّدت نفسها عن إدارة المفاوضات بسبب ما أو لأسباب غير مشروعة، لا سيما أن موقف أمريكا من القضية الفلسطينية ومن قضايا التهويد والتهجير وضم الأراضي على وجه الخصوص لا يزال يندرج تحت المواقف المشبوهة والتي تدعم الاحتلال بشتى الطرق والوسائل والأدوات.
اقرأ أيضًا: المرابطون.. حماة الأقصى
اقرأ أيضًا: مرابطات على عتبات الأقصى
وهو ما عبّرت عنه إدارة بايدن التي أعدت خطة "فينزل" في الضفة الغربية لاستهداف خلايا المقاومة ومقدرات الضفة الغربية، حيث تعمل حكومة نتنياهو في سياق هذه الخطة من خلال العديد من الأدوات والتي تهدف جميعها لما يسمى "حسم الصراع" في الأراضي التي تشهد صراعًا حادًّا مع الاحتلال، وهنا تجدر الإشارة إلى تأثير العمل المقاوم في الضفة على قرارات الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال، وبالتالي تجند إدارة بايدن طاقاتها لتقويض الجهد العملياتي للمقاومة في الضفة الغربية من خلال مناورات دبلوماسية مع جهات سيادية لاتخاذ مسارات جديدة بغض النظر عن أشكالها، لتهيئة الأجواء إلى مرحلة جديدة لإيجاد نقطة توازن بين القبول بسياسة الأمر الواقع وبين مواصلة الاحتلال استهداف الفلسطينيين في الضفة.
وفي هذا الاتجاه يستثمر الاحتلال المواقف الأمريكية والجهد الدبلوماسي الذي يقوم به رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، لحشد المواقف الداعمة لاقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى، أو على الأقل تحييد الموقف الدولي عما يجري في الأقصى من انتهاكات بحق المسجد والفلسطينيين المرابطين الذين يدفعون الثمن يوميًا من خلال اعتداء جنود الاحتلال والمستوطنين عليهم وعلى ممتلكاتهم ومنعهم من الوصول إلى الأقصى واتخاذ قرارات إبعاد بحق الكثير منهم في إطار تحييد عوامل التأثير التي من شأنها أن تغير الواقع الحالي وتعيد للأقصى مكانته.
إن استعادة مكانة الأقصى، ليست مسؤولية الفلسطينيين وحدهم، لا سيما وأن القوى الدولية الداعمة للاحتلال تُعتبر حاضرة لتعزيز اقتحامات المستوطنين للمسجد، وهذا ما يشي بأن القضية هي دولية بامتياز، ولا تنحصر فقط على حكومة الاحتلال، لأن معظم الدول التي يقيم معها الاحتلال علاقات واتفاقات سياسية وأمنية، نقلت سفاراتها وقنصلياتها لمدينة القدس، باعتبار أن القرار الأمريكي الذي يدعم هذه الخطوة هو من يسود حاليًا، وهو ما يؤثر على مكانة الأقصى دوليًّا، لذا ينبغي أن تنتفض شعوب العالم لمواجهة الحشد الدولي الذي يدعم الاحتلال، وأن تتشكل لجان دولية مختصة على مستوى العالم الإسلامي والعربي والدولي الداعم للقضية الفلسطينية، لمواجهة جرائم الاحتلال ومستوطنيه، والتي تتغذى عليها حكومة نتنياهو لإكمال مسيرة التهويد؛ إن هذه الخطوة ومهما كانت تمر في ظروف مليئة بالتحديات، لكنها على الأقل تمثل جزءًا مهمًا من تحريك الشارع الدولي والعربي لمناهضة الاحتلال، واستعادة المكانة المقدسة للمسجد الأقصى.