مشاهد تقشعر لها الأبدان وثّقت اعتداء جيش الاحتلال بشكل همجي على المرابطات الفلسطينيات أمام أبواب المسجد الأقصى المبارك، في ظل انتهاكات خطيرة طالت قدسية المسجد الأقصى، حيث أقدم جيش الاحتلال على تفريغ المسجد المبارك، ومنع وصول الفلسطينيين للصلاة في باحاته، والاعتداء على المرابطين والمرابطات، وتحويل المسجد الأقصى والبلدة القديمة إلى ثكنة عسكرية لتأمين اقتحام آلاف المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى، مصطحبين قرابينهم التوراتية، ومعلنين طقوسهم اليهودية التلمودية، ونفخهم بالأبواق في باحاته، في استفزاز أرعن لمشاعر ملياري مسلم، وإصرار على تصعيد حربهم الدينية اليهودية ضد المسجد الأقصى المبارك.
اتخذ الاحتلال مؤخرًا إجراءات عسكرية تهدف إلى تفريغ المسجد الأقصى من المصلين، ومنع أي وجود للفلسطينيين في باحات المسجد، فمنع ابتداءً الشباب الفلسطينيين من الوصول إلى الأقصى، ثم حرم الرجال الفلسطينيين دون سن الخمسين من الصلاة فيه، ومؤخرًا اتخذ جيش الاحتلال قرارًا غير مسبوق بمنع الرجال دون سن السبعين عامًا من الوصول إلى المسجد الأقصى، ووثقت قناة الغد الفضائية قبل أيام منع الاحتلال وصول فلسطيني مسن إلى المسجد الأقصى على الرغم من أنه ناهز الثامنة والسبعين من العمر، في إصرار واضح من حكومة نتنياهو المتطرفة على تصعيد حربها الدينية ضد مقدسات المسلمين، وانتهاك فجّ للقانون الدولي، وحقوق الفلسطينيين في العبادة، والوصول إلى المسجد الأقصى المبارك.
يأتي قرار حكومة نتنياهو بمنع وصول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى ضمن مخططات تهويد المسجد، وفرض التقسيم الزماني والمكاني في باحاته بين المسلمين واليهود، حيث أقدم الاحتلال على تحويل المسجد إلى ثكنة عسكرية، بهدف توفير الحماية المشددة للمستوطنين في أثناء اقتحامهم للأقصى، والتجرؤ على أداء الصلوات اليهودية التلمودية في ساحاته، وبحسب تقرير إعلامي نشرته شبكة معراج الإعلامية قبل أيام، فقد اقتحم المسجد الأقصى في أيلول الماضي أكثر من أربعة آلاف وأربعمائة مستوطن، كما اقتحم باحات المسجد أكثر من ثلاثة آلاف مستوطن خلال الأيام الثلاثة الأولى من عيد العرش اليهودي بحسب ما نشرته وكالة الأناضول التركية، في دلالة واضحة على اتخاذ حكومة نتنياهو خطوات عملية لفرض السيادة اليهودية على المسجد، ومنع المسلمين من الصلاة في باحاته.
اقرأ أيضًا: اقتحام الأقصى.. الأهداف والعبر
اقرأ أيضًا: المرابطون.. حماة الأقصى
وفي مقابل سياسات الاحتلال التهويدية وقفت المرابطات الفلسطينيات موقف الرجال الأشداء على بوابات المسجد الأقصى، وتسلّحن بالمصاحف القرآنية وصيحات التكبير، غير مكترثات لتهديدات عشرات الجنود المدججين بالسلاح، رغم علمهن بما قد يلحقهن من أذى واعتقال، نتيجة تلك المواقف البطولية، وثباتهن في الدفاع عن المسجد الأقصى، وكرامة أمّة الإسلام والمسلمين.
نفيسة خويص، وهنادي حلواني، وعايدة الصيداوي، وسماح محاميد، ووفاء بياطرة، وزينة عمرو، وغيرهن الكثير من المرابطات اللاتي لبّين نداء الأقصى، وحملن همّ الدفاع عن إسلامية المسجد، وإعلاء صوت الحق في ربوعه وعزمن على توثيق انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه، وحمايته من دنس المتطرفين اليهود، فمنهن من اتخذت إحدى مصاطب المسجد مكانًا لتعليم الأطفال آيات القرآن الكريم، وأحاديث رسول الله، وأخرى اعتادت على تقديم أشهى المأكولات الفلسطينية وخاصة أكلة "المقلوبة" الشهيرة إلى المعتكفات في باحاته، وثالثة اتخذت من إحدى زوايا المسجد وسيلة للاعتكاف والتضرع إلى الله بزوال غمة الاحتلال، ورابعة جلست حارسة للمسجد على إحدى بواباته، وهكذا جعلت تلك النسوة المرابطات، المكوث داخل باحات المسجد وعلى بواباته، هدفًا لهنّ، يتقربن به إلى الله، ويسعين من خلاله إلى إغاظة جنود الاحتلال، وتأكيد عروبة المسجد المبارك.
أدرك الاحتلال باكرًا الدور المهم الذي تقوم به المرابطات في المسجد الأقصى، واستشعر مخاطر استمرار وجودهن في باحات المسجد، وأثر كلماتهن التي تستنهض عموم المسلمين بضرورة الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، لذلك اتخذ إجراءات عسكرية صارمة بحق الكثير من المرابطات، فلا تكاد تجد فلسطينية مرابطة لم تتعرض لأذى الاحتلال ومستوطنيه، بدءًا من الاعتداء عليهن أمام شاشات التلفاز، وطردهن من باحات المسجد الأقصى، ومنعهن من الرباط على بواباته، واعتقال العديد منهن مرات متعددة، وفرض غرامات باهظة عليهن، واقتحام بيوتهن بشكل متكرر، واعتقال أزواجهن وأبنائهن، وإبعادهن عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، ومصادرة بطاقات الهوية الخاصة بهن، وغيرها من الإجراءات القمعية، والانتهاكات الجسيمة لحقوق المرأة الفلسطينية.
ورغم جميع ما سبق من إجراءات قمعية، فقد حافظت المرابطات الفلسطينيات على تواجدهن في المسجد الأقصى، أو الرباط على بواباته، ولم يُظهرن أي خشية من جنود الاحتلال، بل على النقيض، وجدنا الكثير منهن تظهر التحدي لجنود الاحتلال في القدس، وتُطلق صرخات استغاثة لعموم المسلمين والمسلمات لنصرة المسجد الأقصى، وتوثق انتهاكات المستوطنين في المسجد الأقصى، وأضحت العديد من المرابطات المقدسيات أعلامًا فلسطينية، ورموزًا للدفاع عن مقدسات المسلمين، وصوتًا عاليًا لصمود أهالي القدس في مواجهة التهويد.
ختامًا فإننا إذ نوجه تحية خالصة لأخواتنا المرابطات في ربوع المسجد الأقصى، فإننا نشد على أياديهن، ونرفع الصوت عاليًا لنصرتهن، وتلبية نداء الأقصى، فالقدس التي تستغيث اليوم من الحرب الدينية التي تشنها حكومة نتنياهو و"بن غفير"، سيدافع عنها رجال ونساء فلسطين من المرابطين والمرابطات، ولن يتركوها لقمة سائغة للمتطرفين اليمينيين الذين باتوا يشكلون رموز حكومة نتنياهو المتطرفة، وينادون علنًا بهدم المسجد الأقصى.