ربما يكون الصراع على أرض فلسطين من أكثر الصراعات في العالم وضوحا من ناحية قانونية.
لقد حظيت القضية الفلسطينية بما لم تحظَ به قضية أخرى من قرارات أممية تمثل مجلس الأمن والجمعية العامة والمنظمات الدولية، وأحكام قانونية من أعلى محكمة دولية؛ محكمة العدل العليا.
آخر الأحكام القانونية أصدرتها لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدّة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة.
وقالت اللجنة إن "الاحتلال الإسرائيلي، الذي دام 56 عاما حتى الآن، غير قانوني بموجب القانون الدولي"، مؤكدةً أن نتيجة الأعمال غير المشروعة تستوجب عواقب قانونية على (إسرائيل) لوضع حد للفعل غير المشروع دوليا". كما أكدت أن جميع الدول ملزمة بالتحرك بشكل عاجل لوضع حد لهذه الأعمال غير القانونية.
التصريح الآخر كان لمنسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، والذي قال فيه إن المستوطنات اليهودية "ليس لها شرعية قانونية وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".
وقال وينسلاند خلال الجلسة الشهرية لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية إن سلطات الاحتلال لا زالت تواصل تقديم مشاريع الاستيطان وعمليات البناء الاستيطاني، إذ قدمت خططًا لبناء 6,300 وحدة سكنية في المنطقة (ج) بالضفة الغربية، بما في ذلك "إضفاء الشرعية" بأثر رجعي، بموجب القانون الإسرائيلي، على ثلاث بؤر استيطانية قرب مستوطنة "عيلي". كما تم "تطوير" ما يقرب من 3580 وحدة سكنية في شرقي القدس المحتلة.
اقرأ أيضًا: مدينة القدس بين إصرار الاحتلال وتلكؤ الأمة
اقرأ أيضًا: هل ينجح الموساد الإسرائيلي بالاستفراد في دول عربية وفي فصائل فلسطينية؟
وأضاف أن عمليات هدم ومصادرة المباني المملوكة للفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما فيها شرقي القدس استمرت، خلال الفترة التي يغطيها التقرير من 15 حزيران/يونيو إلى 19 أيلول/سبتمبر بحجة عدم الحصول على تصاريح بناء والتي يكاد يكون من المستحيل على الفلسطينيين الحصول عليها، إذ هدمت السلطات الإسرائيلية أو صادرت أو أجبرت أشخاصًا على هدم 238 مبنى، ما أدى إلى تهجير 183 شخصًا، من بينهم 46 امرأة و91 طفلاً. مشيرا إلى أن 32 مبنى منها مولتها الجهات المانحة.
لكن المشكلة ليست في وضوح الحق الفلسطيني قانونيا وباعتراف القانون الدولي والأمم المتحدة، كما ليست المشكلة في محامي القضية الفلسطينية كما يدعي البعض، بل المشكلة في موازين القوة وعدم وجود جهة تنفيذ قادرة على ردع الاحتلال الصهيوني، وهذه الجهة ليست الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي أو الولايات المتحدة وأوروبا كما تكرر ليل نهار بيانات وزارات الخارجية العربية بما فيها خارجية السلطة الفلسطينية، وتناشدها ردع الاحتلال الصهيوني.
المفروض أن جهة التنفيذ هي الدول العربية متسلحة بكل تلك الأحكام القانونية والقرارات الأممية والشرعية الدولية.
المفارقة أنه في الوقت الذي تقول فيه لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدّة إن كافة الدول ملزمة بالتحرك العاجل لوضع حد للاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية الذي يستوجب العقاب القانوني، ترانا نغازل الكيان الصهيوني ونستضيفه ونحتضنه ونقيم معه العلاقات الدافئة ونتعاون معه أمنيا، وكأننا نقول للعالم: بلوا قراراتكم وأحكامكم القانونية واشربوا ميتها"!