مع مرور الوقت يزداد الحديث الإسرائيلي عما تعتبره تصاعد التهديد القادم من إيران، بزعم أنها لم تغير نواياها على مر السنين بالرغبة بالحصول على السلاح النووي، وتوجهها بإخراج نحو ثلث مفتشي الوكالة الأكثر خبرة من أراضيها، ممن لديهم معرفة فريدة بتكنولوجيا التخصيب، وقاموا بأعمال التحقق من حيوية منشآت التخصيب الخاضعة لسيطرة الوكالة. ترصد المحافل الإسرائيلية جملة من التطورات ذات العلاقة، واصفة السلوك الإيراني بأنه أحادي الجانب، وخطوة غير مسبوقة، تؤثر على إجراء عمليات التحقق التي تقوم بها الوكالة في إيران، وتتعارض بشكل علني مع التعاون الذي ينبغي أن يكون قائما بينهما، زاعمة أنه خطوة أخرى في الاتجاه "الخاطئ"، ويشكل ضربة غير ضرورية لعلاقتهما المتوترة أصلًا.
يتزامن هذا الحدث مع أحداث أخرى مشابهة اعتبرتها دولة الاحتلال مثيرة للتأمل، أولها إعلان فرنسا وألمانيا وبريطانيا عن تمديد حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن على إيران، كان مقررًا أن ينتهي بعد شهر تقريبا في 18 أكتوبر، أما الحدث الثاني فقد وقع قبل أسبوعين، بعد تقديم تقرير عن حالة التخصيب النووي في إيران، وتم بموجبه زيادة مخزون اليورانيوم المخصب لمستوى يصل 60%، أما الحدث الثالث فهو اتفاقية تبادل الأسرى الموقعة بين إيران والولايات المتحدة، وبدأ تنفيذها فعليًا.
من العوامل الأخرى التي تعتبرها تل أبيب ذات وزن وتأثير معين على الملف الإيراني ذلك الوضع الداخلي الإسرائيلي، باعتباره ملهمًا للإيرانيين، في ضوء تصريحاتهم الأخيرة التي عبروا فيها عن أملهم باقتراب فرص انهيار دولة الاحتلال، أو كما قال أحدهم بأن "عمرها آخذ في القِصر"، وهي أقرب للحديث التعبوي منه للتقدير الواقعي.
اقرأ أيضًا: المنافع الإسرائيلية من الممرّ القارّي الجديد
اقرأ أيضًا: مخاوف إسرائيلية من سباق نووي في المنطقة
الشعور السائد في دولة الاحتلال مفاده أنها عشية المزيد من الخطوات الإيرانية المتوقعة، وتتفق مع سياستها تجاه الحصول على الأسلحة النووية، ومن ذلك تلاعبها بالمفتشين والدول الغربية والأمم المتحدة بطرق مختلفة لها هدف واحد: كسب الوقت، وتعويد المجتمع الدولي على ذلك، وصولًا إلى مرحلة "اللاعودة"، وهي نتيجة طبيعية لما يصفها الإسرائيليون بلعبة "الشطرنج" المستمرة، التي يتخلّلها أخذ خطوات مدروسة ومحسوبة.
عديدة هي الخطوات والتحركات الحذرة التي تتبعها إيران بين الحين والآخر، وتحظى بمتابعة كثيفة من أجهزة أمن الاحتلال، ومنها تبادل الأسرى مع الأمريكيين، والموافقة على وصول محدود للمواقع المغلقة أو المشبوهة، وإجراء اختبارات المواد، وتخفيف المفتشين، وأكثر من ذلك، ومع مفتشين وبدونهم، تواصل إيران تطوير برنامجها العسكري بأقصى ما تستطيع منذ عدة عقود.