تنشغل الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية هذه الأيام بمرور خمسين عامًا على حرب أكتوبر 1973، المسماة "حرب يوم القيامة"، وسط تركيز لافت على الدور الذي لعبه أشرف مروان، المسمى "العميل المزدوج"، وقد وصفه جهاز الموساد في مراسلاته الرسمية بـ"الملاك".
كما في كل ذكرى سنوية لتلك الحرب، تطرح ذات الأسئلة الاسرائيلية عمّا إذا كان أشرف مروان عميلاً إسرائيليًا في القاهرة، أم مصريًا في هيئة الأركان الإسرائيلية، ولعل الإجابة لم يتم تحديدها بشكل نهائي بعد مرور نصف قرن على هذه الحرب، رغم أن جميع أسرارها قد تم الكشف عنها بالفعل، لكن الخلاف لم يتم حلّه بشكل نهائي بعد حول ما إذا كان أشرف مروان وظّفه الموساد في القاهرة، أم أنه عميل مزروع للمصريين، وقدم بالفعل معلومات كثيرة صحيحة لكسب ثقة المخابرات الإسرائيلية، بهدف تضليلهم في اللحظات الأكثر خطورة.
لقد شهدت الذكرى السنوية هذا العام نشر المزيد من مقتطفات الوثائق السرية التي أرسلها رئيس الموساد آنذاك تسفي زمير، إلى مكتب رئيسة الوزراء غولدا مائير، بعد لقائه المصيري مع مروان في لندن قبل ساعات معدودة من اندلاع الحرب يوم السادس من أكتوبر، مع تقرير كامل ومفصل عن خطط الحرب المصرية والسورية، ويبدأ بتحذير مخيف مفاده أن "الجيشين المصري والسوري على وشك شن هجوم مساء يوم السبت السادس من أكتوبر"، وبعد ذلك ظهرت تفاصيل العمليات التي خطط لها المصريون والسوريون.
اقرأ أيضًا: حرب أكتوبر
اقرا أيضًا: تخوفات إسرائيلية من شعور فائض الثقة لدى "الأعداء"
مع العلم أن أشرف مروان أطلق تحذيرين سابقين بشأن حرب لم تندلع بعد، وقد أدى التحذير الثاني إلى تعبئة احتياطيات ضخمة تسببت في أضرار جسيمة للاقتصاد الإسرائيلي؛ رغم ظهور تباينات بشأن حقيقة كونه إنذارًا كاذبًا، ومع ذلك يمكن فهم لماذا لا يقوم الاحتلال بأي خطوات لاحتواء تلك التحركات من القاهرة ودمشق، رغم اقتناعهما بأن تل أبيب على علم بخططهما الحربية.
ما زال الحديث على ذمة الراوي الإسرائيلي، الذي يذكر أن البرقية التي وصلت تل أبيب، ومصدرها أشرف مروان، فهمت منها بطريق الخطأ أن الهجوم المصري السوري سيبدأ الساعة السادسة مساء، لكنه بدأ فعلياً في السويس والجولان في الساعة الثانية بعد الظهر، أي قبل أربع ساعات حرجة من الوقت الذي تم فيه نشر الخبر، وخلال تلك الفترة، اقتحمت زوارق الكوماندوز المصرية خط المواقع في سيناء، ما يطرح مزيداً من علامات الاستفهام بما إذا كان هناك خداع مصمم مسبقا من مروان لإرباك الاحتلال.
لا أحد يعلم كم سيبقى الإسرائيليون في حالة من الاختلاف حول الدور الذي لعبه أشرف مروان، رغم صدور العديد من المؤلفات حوله، ومئات المقالات التي تناولت شخصيته، دون الوصول الى رأي توافقي بشأنه.