فلسطين أون لاين

حرب أكتوبر

في ذكرى حرب أكتوبر عام 1973 "يوم الغفران" كنا هناك بعد ٤٧ سنة، ملف العميل  جوليت يفتح لأول مرة، كشفت لجنة الرقابة الأمنية مؤخرا عن جزء يسير من ملفاته الاستخباراتية  عن عميل سابق للعدو الصهيوني تم زرعه في الجيش المصري تحت عنوان "العميل رقم ٢" في مقال طويل نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت  بتاريخ 25/9/2020 للكاتبين رونان برجمان واوربيالكوف، والذي تم التطرق فيه إلى معلومات خطيرة تنشر لأول مرة عن العميل الذي ساهمَ بشكل واضح في التحذير من المعركة القادمة أكتوبر ١٩٩٣ حرب يوم الغفران، كثير من الكلمات التي كشفت سابقا حول العميل أشرف مروان الملقب "بالملك" الذي تحدث عن معلومات مهمة تخص حرب أكتوبر حرب يوم الغفران -الكيبور- لكن لم يكن العميل الملك لوحده في سياق المعركة الأمنية كان هناك من يعمل في الظل وبشكل متخفٍ داخل  الجيش المصري العميل رقم  ٢، الذي حذر العدو الصهيوني من إمكانية اندلاع حرب بعد ٥ أيام لكن في جهاز آمان الاستخبارات العسكرية لم يصدقوا ذلك.

في المقال وبشكل درامي تم طرح قصة العميل رقم ٢ الملقب بالجوليت عند مقابلته الضابط الذي كلفه بالمهمة جهاز الاستخبارات آمان الذي  كان متحيراً في كيفية إخراج الكلمات من فمه.

معلومات خطيرة تم وضعها على الطاولة ، وطلب شخصي بأن يتم استيعابه داخل دولة العدو الصهيوني كمقيم ، وفي الجانب المصري كانت الخطورة في حينه تكمن في الحروب السرية بين الوكالات المخابراتية والاستخباراتية  في تجنيد العملاء وتجنيد المضاض مع العدو الصهيوني كما هو الحال مع إيران اليوم ، لكن بخلاف وجود حدود مشتركة مع مصر، العدو الصهيوني كان يسعى وبشكل حثيث إلى الاستفادة من وجود ضابط في الجيش المصري يتحدث في اللهجة المصرية من أجل توجيه الرسائل التي تندرج تحت مكونات الحرب النفسية التي تتحدث عن عدم الإضرار بأنفسهم في حرب لا طائل منها مع العدو الصهيوني  وفي البيت الداخلي وبترتيب كل ما تم ذكره سابقاً كان لابد للمشغل الصهيوني بأن يقوم بكسر حاجز القلق الذي تشكل لدى العميل جوليت وعليه في ما يشبه الرحلة عبر البلاد (فلسطين المحتلة).

كما هي الجولات الترفيهية من تل أبيب، الكيبوستات، الجليل وصولاً إلى منطقة الحدود قام المشغل في نهاية المطاف بأخذ العميل جوليت إلى بيته الشخصي القائم في مغتصبة رماتجان من أجل إقامة وليمة عشاء مع زوجته إثر ذلك تحولت العلاقة إلى الجانب الشخصي والعميق بين العميل ومشغله والذي دفع المشغل لأن يطلب بكل حرية من العميل جوليت بأن يقوم بإدارة حرب نفسية ضد الجيش المصري ومن داخله، لكن قبل ذلك تم إجراء اختبار صغير له، في الاختبار تم كشف المعلومات الأولية للاحتياجات الخاصة للجندي المصري من سجائر وطعام جيد ومركبات ومحادثات جيدة وصديقة وعليه أصبح هناك صورة منضبطة للكيفيات التي سيتم من خلالها مواجهة نفسية الجندي المصري.

ضمن السياق بعد فترة وجيزة عبّر العميل جوليت عن مخاوفه من إلقاء القبض عليه من قبل الأجهزة الأمنية المصرية لكن ومع كل تخوفاته بدأ مهمته التي تم تكليفه بها من قبل العدو الصهيوني حالما يعود إلى بيته، سنوات طويلة مضت وفي تسعينيات القرن الماضي تم الكشف عن العميل أشرف مروان والذي كان متزوجاً من  بنت رئيس مصر الأسبق عبد الناصر والذي توجه هارباً قبل ليلة من معركة يوم الغفران حرب أكتوبر إلى دولة العدو الصهيوني في حينه كان النقاش داخل الأروقة الأمنية للعدو الصهيوني عن وجود معلومات تشير إلى وجود أكثر من عميل لهم داخل المنظومة المصرية لكن شخصا واحدا فقط  من ضمن هذه المنظومة كان يعرف في العميل جوليت.

مؤخرا في دولة العدو الصهيوني حصل صراع وصل إلى القضاء من أجل الكشف بعد ٤٧ سنة عن الوثائق التي تتحدث عن تلك الفترة وعليه تم السماح أخيراً بذلك، مع الاحتفاظ بآلاف الوثائق تحت بند السرية، كما تم تقييمها من قبل لجنة المراقبة الأمنية.

وفي تفاصيل ذات صلة ذكر المقال معلومات حول الضابط المشغل المدعو بران والذي كان يعمل كضابط تحليل في العمق المصري في عام ١٩٥٥ والذي عمل لاحقاً كنائب رئيس وحدة ٥٠٤ المتخصصة في تجنيد العملاء لصالح جهاز آمان، في قصة العميل جوليت كان الهدف بشكل أساسي شن حرب نفسية ضد الجيش المصري وكان المقابل حفنة من الأموال يتقاضاها عن مجهوده الأمني.

 الخطورة كالعادة كانت في آليات نقل المعلومات وعليه تم تزويد جوليت بجهاز راديو ذات موجات طويلة وكتاب تشفير من أجل نقل المعلومات بأسلم الطرق عدا عن تزويده بخطوط سرية لنقل للمعلومات المكتوبة عدة مسارات أمنية في أوروبا لتصل إلى المشغل ويتم معالجتها فوراً.

 وأشارت المعلومات التي تم الكشف عنها إلى وجود مقطع من رسالة جوليت الطارئة الموجه إلى أجهزة أمن العدو الصهيوني حول موعد بدء المعارك في ١ أكتوبر ١٩٧٣ ضمن جبهتين مصرية وسورية تحت عنوان "ناجح" ومن أكثر ما ذكر المقال أن العميل جوليت استمر في عمله داخل الوحدات العسكرية المصرية كعميل للكيان الصهيوني حتى توفي في الأعوام الأخيرة بشكل طبيعي، بدون معرفة أي أحد من الجانب المصري حتى الآن بما قام به.

المقاربة بين ما تم كشفه من معلومات في السطور السابقة وبين واقع مشاهد نعيشها اليوم من تماهي منظومات وظيفية عربية مع العدو الصهيوني نجد أنفسنا أمام خطورة المعلومات المذكورة وأخص بالذكر من كل المعلومات السابقة ما طرح في نهاية المقال من أن العميل جولييت بقي في وحدته العسكرية داخل الجيش المصري حتى مات مؤخرا بشكل طبيعي لنطرح التساؤل حول الشخصيات العربية التي ما زالت تعمل وبشكل مباشر مع المنظومة الأمنية الصهيونية أو بشكل غير مباشر كما هو حال بعض من يطبع مع الكيان الصهيوني.

 مجددا نجد أنفسنا نشعر بشك من كل ما يدور حولنا كون ما نعيشه من مؤامرة ضد الشخصية الفلسطينية أصبح يحتم علينا ذلك، فالمقال يأتي في السياق الأمني لدولة العدو الصهيوني في مواجهة خصوم أمن أصدقاء اليوم ليقول لنا: إن الشك مقدم على اليقين عندما يتعلق بالمسار الأمني.