ما من شك أن جولة نتنياهو الأولى إلى الولايات المتحدة، ولو أنها اقتصرت على نيويورك، جاءت ناجحة للغاية، فقد تصدّر لقاؤه "اليتيم" الذي طال انتظاره مع بايدن عناوين الأخبار المهمة على الساحة السعودية، فيما أظهر الأخير اهتمامه بالانقلاب القانوني الذي سيكون أكبر عقبة في طريق التوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية.
بدا واضحًا أن نتنياهو أنهى جولة ناجحة من اجتماعاته في الأمم المتحدة، فيما حققت مقابلته مع بايدن ما كان متوقعًا منها، حيث تم طرح مستقبل العلاقات بالسعودية على الطاولة، وبطريقة كبيرة، ويعتقد أنه بات أقرب من أي وقت مضى لإنجاز اتفاق إقليمي بين الولايات المتحدة والسعودية، يتم من خلاله دمج دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، بزعم أن ذلك سيكون اختراقًا هائلًا لجميع الأطراف المعنية.
وإذا كان اللقاء العلني بين نتنياهو وبايدن لم يكن كافيًا، فقد جاءت لقاءاته مع بقية قادة دول العالم، وخطابه الاستعلائي أمام منبر المنظمة الدولية، وما صدر من مواقف حول نقل بعض السفارات إلى القدس المحتلة، فضلًا عن الحديث الواضح والصريح لولي العهد محمد بن سلمان حول اقتراب إبرام الصفقة الموعودة بين الرياض وتل أبيب، ما جعل من هذه الزيارة التي انتظرها نتنياهو تسعة أشهر حققت نتائجها المرجوة.
اقرأ أيضًا: في السجال بشأن حاجة المملكة إلى التطبيع والثمن المطلوب للفلسطينيين أو منهم
اقرأ أيضًا: السعودية والتطبيع مقابل التخصيب.. إذا استطاعت إليه سبيلًا
ليس ذلك فحسب، فقد أصدر مكتب بايدن بيانا شفهيًّا، وملخصًا أُرسل كتابيًا في النهاية، جاء فيه أنه ستتم دعوة نتنياهو لواشنطن في زيارة رسمية حتى نهاية 2023، مما يدل على أن البيت الأبيض قرر وضع حدّ لفترة الركود التي عاشها مع نتنياهو باعتبار أن مدة القطيعة والعقوبة التي تلقاها كانت كافية.
حتى أن ما اعتاد بايدن على الحديث بشأنه طيلة الشهور الماضية بشأن الانقلاب القانوني، وعباراته المنمّقة حول الحفاظ على القيم الديمقراطية، وفصل السلطات في إسرائيل، لم يتجاوز الكلام، وبات واضحًا أن مضي نتنياهو قدمًا في مخططه القانوني لن يقف عقبة أمام إبرام اتفاق ثلاثي، وربما رباعي، يجمع واشنطن والرياض وتل أبيب، وربما رام الله، وفي سبيله يبدي سيد البيت الأبيض استعداده لابتلاع كثير من الضفادع.
مع العلم أن فرص التوصل إلى مثل هذا الاتفاق المعقّد ومتعدّد الأطراف يتراوح بين 50/50، ولا أحد يخدع نفسه بأن الطريق للوصول إليه مضمون ومعبّد، لأن هناك أسئلة عديدة تطرح حول ما الذي سيكون نتنياهو على استعداد لتقديمه للفلسطينيين من أجل إحراز تقدم مع السعوديين، عقب إعلان مختلف أحزاب الائتلاف اليميني عقب خطاب نتنياهو عن رفضها وقف بناء المستوطنات، والتقدير السائد بأنها لا تستطيع التعايش مع أي استحقاقات لإنجاز ذلك الاتفاق.