شهدت الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية عاصفة لم تهدأ، عقب موافقة الحكومة على تزويد السلطة الفلسطينية بأسلحة ومعدات ومركبات مصفحة ومعدات تجسس، قدمتها الولايات المتحدة عبر الحدود الأردنية، ورغم إعلان الحكومة أن هذه الوسائل القتالية ستستخدمها السلطة لمحاربة نشطاء المقاومة، لكنّ أوساطًا داخل الائتلاف اليميني اعتبروا الخطوة انصياعا للضغوط الأمريكية بدعم السلطة.
يدور الحديث عن ناقلات جند مدرعة، ومركبات عسكرية، و1500 بندقية، قسم منها من طراز M16، والآخر من طراز كلاشنكوف، وكلاب لكشف المتفجرات، ووسائل لتفريق المظاهرات، بما فيها الهراوات وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، وكلها نُقلت من قواعد عسكرية أميركية في الأردن، عن طريق معبر اللنبي. تأتي هذه الصفقة العسكرية لتعزيز السلطة، والتأكيد أن هذه الأسلحة والعربات المدرعة ستستخدمها قواتها الأمنية لملاحقة المقاومة ومطاردة المقاومين في الضفة الغربية، خاصة في شمالها، في مدينتي جنين ونابلس، ومخيماتهما التي شهدت تنفيذ المئات من العمليات الفدائية خلال العشرين شهرًا الماضية، وتسببت بسقوط عشرات القتلى ومئات المصابين الإسرائيليين.
اقرأ أيضًا: تصاعد القلق الإسرائيلي من تزايد تهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية
اقرأ أيضًا: المنطقة "ج" في عين الاستهداف الإسرائيلي
ليست المرة الأولى التي يدعم فيها الاحتلال السلطة الفلسطينية بالوسائل القتالية، أو يسمح بتزويدها لها من خلال دعم أمريكي أو إقليمي، فبالعودة سنوات إلى الوراء، فقد شهد 2007 إبان ولاية رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت ووزير الأمن عمير بيرتس نقل 1000 بندقية كلاشنكوف للسلطة، وفي 2018 عندما كان نتنياهو رئيسًا للوزراء وأفيغدور ليبرمان وزيرًا للأمن تم نقل 530 بندقية؛ وفي 2021 الذي شهد تولي نتنياهو وبينيت رئاسة الحكومة بصورة متوالية، وبقي غانتس وزيرا للأمن في الحكومتين، تم نقل 30 قطعة سلاح فقط، وفي 2022، في عهد غانتس خلال حكومة بينيت- لابيد تمت الموافقة على نقل 100 قطعة سلاح، ما يجعل الصفقة الجديدة الحالية هي الأولى لعام 2023.
جديد الصفقة هذه المرة أن المعدات التقنية الجديدة لقوات الأمن الفلسطينية تسمح بتنفيذ عمليات تجسس وجمع معلومات استخباراتية، بما فيها اختراق الهواتف المحمولة الفلسطينية، وهو إجراء لم يكن متاحًا للفلسطينيين حتى الآن بسبب المعارضة الإسرائيلية التي خشيت استخدام هذه الأجهزة لكشف العملاء الفلسطينيين الذين يعملون مع المخابرات الإسرائيلية، لكن هذه الأجهزة اليوم من شأنها أن تسهل على السلطة تعقب المسلحين في مخيم جنين، والقيام بالاعتقالات. مع أن أوساط الأمن الإسرائيلي تزعم أن المقاومة نشرت خلال العام ونصف العام شبكة متطورة من الكاميرات أتاحت لها مراقبة تحركات الجيش الإسرائيلي والأمن الفلسطيني على مدار الساعة، وبالتالي فإن هذه المعدات الجديدة ستسمح للسلطة باختراق هذا النوع من نظام الكاميرات، وسيقوم خبراء أردنيون وأمريكيون بتدريب عناصر الوحدة السيبرانية الفلسطينية الجديدة على كيفية استخدامها.