لا يكاد يمر يوم من الأيام إلا وتطالعنا فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية بخبر يفيد بإحباط محاولة تهريب أسلحة عبر مختلف الحدود المحيطة بفلسطين المحتلة، سواء سوريا أو العراق باتجاه الأردن، ومنه إلى الضفة الغربية، ما زاد من القلق الإسرائيلي، وأعاد إلى الأذهان ما واجهه الاحتلال عبر ما شهدته الحدود المصرية من عمليات تهريب أسلحة إلى قطاع غزة.
صحيح أن الواقع الأمني بين غزة والضفة مختلف كليًّا، ولا سيما فيما يتعلق بمسارات تهريب الأسلحة، لكن الاحتلال لم يتورع عن التحريض المستمر للدول المجاورة، واتهام قوى المقاومة والجهات المعادية للاحتلال باستخدام أراضيها لتهريب الأسلحة، وبِدء الحديث عن إنشاء آلية تعاون تسمح بنشاطات القوة الجوية على أراضي الدول التي عقدت معها اتفاقيات تسوية، خاصة الأردن، وإذا لزم الأمر، التحرك العدواني بشكل مستقل على الأراضي العراقية أيضًا، استمرارًا لإستراتيجية المعركة بين الحروب.
تؤكد عشرات المحاولات في السنوات الأخيرة أن الجهات المعادية للاحتلال باتت تعرف هذه المسارات جيدًا، وتعمل على استغلالها، ما يجد ترجمته في وجود صعوبات جدية أمامه بتعقب هذه المحاولات المتلاحقة، رغم ما يحبطه من حين لآخر.
اقرأ أيضًا: القسام يضرب طريقًا يبسًا في بحر المتوسط للمقاومة
اقرأ أيضًا: تطور المقاومة في الضفة الغربية
كما تجدر الإشارة أن الحدود المحيطة بفلسطين المحتلة تشهد عمليات تهريب عديدة لمختلف الأغراض، بين متسللين وأسلحة وأموال ومخدرات وسواها، على الرغم من أن منطقة جنوب سوريا يربطها تسلسل جغرافي قصير إلى شمال الأردن، ومن هناك إلى أراضي الضفة الغربية، ما يزيد من هذه المحاولات، التي من شأنها السماح لقوى المقاومة بإنشاء بنية تحتية معرفية خاصة بها، وقدرة إنتاجية مستقلة، الأمر الذي يزيد من مستوى التحديات الأمنية للاحتلال على المعابر الحدودية.
من خلال تتبع المسارات التي يزعمها الاحتلال عن مسارات تهريب الأسلحة التي تصل أخيرًا إلى الضفة الغربية، يظهر الطريق الجغرافي القصير في الأردن الذي يمرّ عبر منطقة إربد، ومن هناك إلى الحدود مع فلسطين المحتلة، وهو متواصل نسبيًّا، ولا يوجد به أي عوائق مصطنعة تقريبًا، في حين أن بعض دول المنطقة، ولا سيما إيران، وفق المزاعم الإسرائيلية، لديها إمكانية لتهريب الأسلحة من دون المرور عبر الأراضي السورية، ولكن من العراق مباشرة إلى الأراضي الأردنية، ومن هناك إلى الضفة الغربية.
إن ما وصل قوى المقاومة في الأشهر الأخيرة ربما يدفع للقول إن "أنبوب الأوكسجين" قد وجد طريقه إليها، ولا سيما عند الحديث عما باتت تحوزه من عبوات ناسفة متقدمة، وكميات متزايدة من المتفجرات تشكل عقبة أمام اقتحامات قوات الاحتلال لمخيمات الضفة الغربية.