فلسطين أون لاين

اعتقالات تؤخِّر تخرجهم الجامعي

تقرير مأساة الطلبة في سجون السلطة.. تعذيب وزنازين قاسية

...
التعذيب في سجون السلطة - أرشيف
غزة/ يحيى اليعقوبي:

لم يمضِ على إفراج قوات الاحتلال عن الطالب بجامعة النجاح مصعب حنايشة سوى شهر، بعد اعتقال دام 16 شهرًا، حتى اعتقله عناصر من الأمن الوقائي التابع للسلطة مساء أمس، في أثناء خروجه للتنزه بصحبة أصدقائه قبل أن يتم تمديد اعتقاله 48 ساعة.

حنايشة الذي يسكن بمدينة جنين في شمال الضفة الغربية، ويدرس هندسة حاسوب بجامعة النجاح بنابلس، أصبح مهدد بعدم إكمال فصله الأخير بالجامعة والتخرج من جراء اعتقال السلطة له، بعد أن حرمه الاحتلال من التخرج في إثر اعتقاله على مرتين، بلغت مجموعهما عامين خلال فترة دراسته الجامعية.

وارتفع عدد طلاب جامعة النجاح المعتقلين في سجون السلطة إلى ستة، بعد اعتقال الأجهزة ثلاثة من طلبة الجامعة، مساء أمس، وهم عمر سلامة ومصعب حنايشة وإبراهيم تركمان، ونقلهم إلى سجونها.

مداهمة مسائية

يقول والد حنايشة لصحيفة "فلسطين": "كان ابني برفقة أصدقائه في جلسة شبابية مسائية قبل أن يتم اعتقاله، فداهمهم عناصر من الوقائي، وصادروا وثائقهم الشخصية، لم يتواصلوا معنا، لكننا علمنا باعتقاله".

وتساءل الأب الذي تغلي نبرات الغضب في صوته عن الذنب الذي فعله نجله ليتم اعتقاله من الاحتلال والسلطة، وحرمانه من الدراسة الجامعية، ومن التخرج.

اقرأ أيضاً: نقل المعتقل في سجون السلطة أسامة سلاطنة للمستشفى بعد تدهور وضعه الصحي

وقال: "كل الاعتقالات تتم بسبب نشاطه الطلابي كونه أحد كوادر الكتلة الإسلامية بالجامعة، وفي اعتقال سابق لدى السلطة تعرض للضرب، وصادروا هاتفين له، ولم يتم إعادتهما حتى اليوم".

وتعتقل أجهزة السلطة منذ أيام طلبة الكتلة الإسلامية بجامعة النجاح، يمان دويكات لليوم 23، وبراء قصراوي لليوم 25، وعبد القادر قطناني لليوم 5.

في قاعة المحكمة، اهتزت أصابع يمان دويكات وهو طالب هندسة مساحة بجامعة النجاح في أثناء محاولته التوقيع على ورقة لتوكيل محامي الدفاع عنه، فلم يقوَ على الإمساك بالقلم من شدة التعذيب والشبح الذي تعرض له خلال اعتقاله من قبل مخابرات السلطة بنابلس في 19 آب/ أغسطس الماضي.

"مش قادر، بتوجّع من يدي وكتفي" كان والده يستمع لما يقوله نجله للقاضي في جلسة المحكمة، ولا يملك بـ"اليد حيلة" إلا التضرع إلى الله، أمام سلطة قضائية باتت أحكامها حبرًا على ورق، وأجهزة أمن السلطة هي "القاضي والحكم" ومن تحدد فترة الاعتقال، وتلفق التهمة التي تريد، وتحدد وقت الإفراج.

يمتلئ صوت والده بالقهر، في حديثه لصحيفة "فلسطين" عبر الهاتف قائلًا: "عندما اعتقلوه بواسطة قوة خاصة، سحبوه على سيارتهم وضربوه بمسدس، وعاش تسعة أيام صعبة في التحقيق، تعرض للشبح، وروى للقاضي أنه كان ينام سبعة أيام بدون فراش أو غطاء، ومنع عنه الماء إلا في فترات محددة، ورفضوا السماح له بإداء الصلوات".

وأضاف دويكات "بعد الأيام التسعة الأولى، سمحوا لوالدته بالزيارة، وأعطته بعض الأغطية، واستغرقت زيارتها خمس دقائق فقط بحضور الضابط".

لم يتمكن دويكات من زيارة نجله للاستماع لما جرى معه وظروف حياته في زنزانة عزل انفرادي بسجن "الجنيد" بنابلس، لكن ذاكرته تعج بصور رواها له نجله خلال اعتقاله السابق في شهر مارس/ أذار الماضي، والذي استمر ستة أيام: "قال لي إنها غرفة صغيرة لا يوجد بها تهوية أو فراش أو غطاء، اعتقل بتهمة العمل النقابي بجامعة النجاح، كونه عضو مجلس اتحاد الطلبة عن الكتلة الإسلامية".

اعتصامات رافضة

ولليوم 11 على التوالي يواصل طلاب الكتلة الإسلامية الاعتصام المفتوح داخل أسوار الجامعة، رفضاً لسياسات القمع والطرد بالقوة، التي مارستها إدارة الجامعة ضد طلبتها المحتمين بأسوار؛ بسبب ملاحقتهم من قبل أجهزة السلطة.

وتتصاعد إجراءات السلطة بحق طلبة جامعة النجاح بعد فوز الكتلة الإسلامية بانتخابات مجلس اتحاد الطلب وحصلت على 40 مقعدًا، متقدمة على 3 كتلٍ طلابية أبرزها حركة الشبيبة الفتحاوية الذراع الطلابي لحركة فتح.

وتعكس إجراءات السلطة، وفق مراقبين، عدم قبولها بنتائج صناديق الاقتراع، وتظهر التناقض بين حديثها عن إتاحة حرية الانتخابات الطلابية بالضفة الغربية، في المقابل تمارس سياسة الاعتقال بحق الكتل الفائزة، وخاصة الكتلة الإسلامية، بهدف إثارة مخاوف الطلاب وعائلاتهم، فضلًا عن تدخلها المستمر بالحركة الطلابية التي شكلت عبر مراحل زمنية طويلة، رافدًا أساسيًّا للثورة الفلسطينية.

من داخل حرم جامعة النجاح الجديد اعتقلت أجهزة أمن السلطة طالب هندسة الميكانيكا براء قصراوي يوم 18 آب/ أغسطس الماضي، وحولته إلى سجن أريحا، وبعد مرور أربعة أيام على اعتقاله استطاعت عائلته معرفة مصيره.

خلال الاعتقال تعرض قصراوي كحال زميله دويكات لكل أشكال وأنواع التعذيب، واستمر تواجده في زنازين العزل الانفرادي نحو عشرين يومًا، وقبل أيام سمحوا له بالخروج للأقسام العادية.

ضياع الفصل الدراسي

يقول شقيقه لصحيفة "فلسطين": "حتى اللحظة منعونا من زيارته، وسمحوا فقط للمحامي بالجلوس معه مرة واحدة"، معربًا عن مخاوف العائلة من ضياع الفصل الدراسي الجديد عليه، بعدما بدأت العملية التعليمية في الجامعة بالانتظام.

ويعتقد أن هدف السلطة من اعتقال شقيقه وغيره من طلاب وكوادر الكتلة الإسلامية هو تخويفهم والضغط على عائلاتهم؛ بهدف ثنيهم عن طريق الدراسة، وربط الطلاب بقضاياهم الوطنية.

استمرار اعتقالات الأجهزة الأمنية لجميع فئات أبناء الذين تتعارض آراؤهم مع آراء ومواقف السلطة، سواء كانوا مقاومين أو أصحاب رأي، توجه يشير وفق الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف إلى أن السلطة وأجهزتها الأمنية لا تستخلص العبر من اتباعها نهج القمع والاعتقالات، وأنها ماضية في هذا الطريق، ما يشير إلى أن التغول الأمني سيكون سيد الموقف خلال المرحلة القادمة.

أرجع عساف خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" سبب استهداف الطلبة "لكونهم رأس الحربة في مواجهة الاحتلال، وهم الشريحة الأكثر استعدادًا للانخراط في المقاومة وهم جيل المستقبل، بالتالي تريد السلطة كسر شوكة الطلبة".

ورأى أن "الاعتقالات غير مفصولة عن فوز الكتلة الإسلامية في انتخابات جامعة النجاح، وهو ما اعتبرتها السلطة هزيمة لنهجها وسلوكها ولبرنامجها من جانب، واعتبرته خسارة لموقع كانت ترى فيه قلعة تحسبها لمؤيديها من جهة ثانية".

ويعتقد أن الهزيمة في هذه الجامعة بعد تعطيل الانتخابات سنوات، دفع بالسلطة لمثل هذا السلوك من الانتقام من الطلبة الذين أيدوا أو دعموا أو انتخبوا الكتلة الإسلامية نقيضًا لبرنامج السلطة وحزبها.