فلسطين أون لاين

هل نسيتم أنكم تعيشون تحت الاحتلال؟

أيها الفلسطينيون، في أفراحِكم وأتراحِكم ومناسباتكم، تذكروا أن عين العدو تراقبكم، وتستخلص العبر من تصرفاتكم، وتدرس خطواتها الأمنية والعسكرية بعد قراءة أسلوب حياتكم، فعدوكم يهابكم، وأنتم وقورون، ويرتعب منكم وأنتم ملتزمون بعقيدتكم، واثقون، تعشقون وطنكم، وتحبون بعضكم، فيحتار عدوكم في أمركم، وهو يفتش عن ثغرة ينفذ منها ليفرّق شملكم.

أيها الفلسطينيون، لقد سبقتكم الشعوب إلى الحرية، بعد أن أدركت واجباتها الوطنية الكبرى، وتعففت عن الصغائر، ونحن شعب يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر وغير المباشر، ونعاني التفرقة العنصرية المقززة، ومستقبلنا ومصيرنا في مهب ريح المتطرفين الصهاينة، وليس لنا في مثل هذه الحالة إلا أن نحتمي ببعضنا، كالأشجار في الغابة أمام العواصف والرياح، والأسرى الذين أيقنوا أن وحدتهم طريقهم إلى الصمود.

نحن الفلسطينيين واجبنا أن نتذكر في كل لحظة أننا نعيش تحت سطوة الاحتلال وسلطته، وأن لنا الحق بالوجود، وأن لنا الحق في العيش بلا قيود، وألا تغمرنا روح الهزيمة بأننا غير قادرين، وأن قدرنا هو العيش تحت جبروت الاحتلال، لذلك يجب أن يشغلنا التفكير بالحرية على مدار الوقت، وأن نحارب بعض المظاهر السلبية في حياتنا الاجتماعية، بما في ذلك المبالغة والبهرجة في طقوس الزفاف.

اقرأ أيضًا: التطبيع بين غضب الشعب الليبي وموقف "سلطة رام الله"

اقرأ أيضًا: لماذا تدعم (إسرائيل) الطغاة على سطح الأرض؟

في الأيام الأخيرة اهتم الإعلام الإسرائيلي بأكبر حفل زفاف في الشرق الأوسط، وراح يصف الاحتفال الكبير في الأراضي التي يحتلها الجيش الإسرائيلي، لقد تحدث إعلام العدو عن حفل الزفاف، وكأنه ألقى القبض على وثيقة سياسية واقتصادية واجتماعية، تقول لكل العالم: إن الاحتلال الإسرائيلية مصدر خير وثراء للفلسطينيين، لم ترتق إليه دول النفط والغاز، لقد أحصت وسائل الإعلام الإسرائيلي عدد الخراف المذبوحة في حفل زفاف أقيم في رام الله، لقد أحصوا عدد المطربين والطبالين من الداخل والخارج، وعدد المدعوين والمشاركين والراقصين من مسؤولين ومقربين، وكأن حفل زفاف عريس في الأراضي التي تحتلها إسرائيل مناسبة وطنية، أو مهرجانًا انتخابيًا، تضخ فيه الأموال، وتدق الأجراس فرحًا بتحرير القدس، وطربًا لحرية 5 آلاف أسير فلسطيني أفرج عنهم، وباتوا في أحضان عائلاتهم، بعد أن مسحوا دمعة الأمهات اللاتي قدمن أبناءهن في نابلس وجنين والخليل وأريحا، وصار لهن الحق بالمشاركة في طقوس الفرح، بعد أن ارتوت عروق الجرحى بالشفاء مع حفل زفاف الأثرياء.

لم يلتفت لاعب كرة القدم السنغالي، "ساديو ماني" بطل فريق ليفربول، لأولئك الذين سخروا من التلفون القديم المكسور، الذي يستعمله، وقال لهم:

ما حاجتي لعدد 10 سيارات فيراري، أو 20 ساعة، أو طائرتين؟

 كنت جائعًا، وأعمل في الحقل، وقد نجوت من الحروب، ولعبت كرة القدم حافي القدمين، وقد جاءتني الفرصة لأكسب مالًا وفيرًا من لعبة كرة القدم، هذا المال أساعد فيه شعبي، وهو الأهم عندي.

لقد بنيت لشعبي عدة مدارس، وناديًا رياضيًا، ووفرت للكثير من فقراء شعبي الملابس والأحذية والطعام، أنا أقدم 70 يورو شهريًا لعائلات فقيرة جدًا في السنغال، وأنا لست بحاجة إلى التباهي بالسيارات الفاخرة، والمنازل الفاخرة، والولائم الفاخرة، والأفراح الفاخرة، وحفلات الزفاف الفاخرة، والسفر بالطائرة الخاصة.

أنا أفضّل أن يتلقى شعبي القليل مما أعطته لي الحياة.

فأين أثرياء فلسطين من لاعب كرة القدم السنغالي، الذي لم يتعلم في مدارس؟

سئل صلاح الدين الأيوبي يومًا: لماذا لا تبتسم يا صلاح الدين؟ لماذا أنت مقطب الجبين؟

قال: وكيف أبتسم والمسجد الأقصى تحت أقدام الصليبيين.

أمثال صلاح الدين على مر التاريخ كثر، وبيننا نحن الفلسطينيين يعيش آلاف الرجال، الذين عشقوا درب صلاح الدين، رجال ينتمون لعقيدتهم ووطنهم وتاريخهم، ويعملون لمستقبل الأجيال وحريتها، رجالٌ يرقصون طربًا ومجدًا، وقد أزهرت دماؤهم النازفة في جنين ثورة وكرامة في جبال الخليل، رجال يمضغون طعامهم المغمس بالكمائِن والعبوات الناسفة ضد المحتلين، رجال يقسمون على مواصلة الدرب، حتى تحرير المسجد الأقصى من قبضة الصهاينة المتطرفين.