تتهيَّأ مجموعة من قيادة السلطة لزيارة المملكة العربية السعودية، وسط معلومات تفيد باستئناف السعودية ضخ المساعدات للسلطة، وجاهزية المملكة لتبني المطالب السياسية لقيادة السلطة، كشرط للتطبيع مع (إسرائيل).
منطق قيادة السلطة يقول: طالما كان التطبيع مصلحة أمريكية وإسرائيلية، وطالما كانت واشنطن تضغط في هذا الاتجاه، فلا طاقة لنا نحن في الاعتراض على مشروع تتبناه دول عظمى، ودول إقليمية نافذة، وطالما كان الأمر كذلك، فلنقطف نحن الفلسطينيين ما استطعنا من مكاسب وإنجازات، تصب في صالح الشعب الفلسطيني، وذلك أفضل ألف مرة من الاعتراض على تطبيع سيمر شئنا أم أبينا.
ذاك المنطق الذي تتبناه قيادة منظمة التحرير، هو المنطق نفسه الذي اعتمدته سنوات طويلة، منذ تبني برنامج النقاط العشرة سنة 1974، وحتى التوقيع على اتفاقية أوسلو، وما تلاها من اتفاقيات ولقاءات ومفاوضات، أوصلت الحالة الفلسطينية على ما هو عليه اليوم من تشرذم، ومن اتساع للاستيطان، وانحسار في أرض الضفة الغربية، وغياب عن الساحة الدولية، وضعف في التأييد الرسمي العربي.
وكان بإمكان قيادة السلطة أن تتبنى الموقف الآخر، وهو موقف ليس عدميًّا، إنه الموقف الذي يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، ويحفظ كرامة الشعوب العربية، وهو منطق عدم التهاون في موضوع تطبيع الأنظمة العربية مع (إسرائيل)، وأن تشكل قيادة السلطة القدوة، فالشعوب العربية كلها ترفض التطبيع مع العدو الإسرائيلي، والشعوب العربية كلها ترى بالكيان الصهيوني منطلق الشرور في المنطقة، والإفساد في الأرض، ونتائج التطبيع مع بعض الدول العربية لم تأتِ للشعوب بالنفع والفائدة، بل العكس من ذلك، فقد كانت وبالاً على الشعوب، ولعل واقع حياة الناس الاقتصادي والمعيشي في الدول المطبعة، خير دليل على مساوئ التوقيع على الاتفاقيات مع عدو، لا يرى بالتطبيع إلا طريقاً لتحقيق أطماعه الإيديولوجية.
اقرأ أيضًا: ليبيا تفضح التطبيع وأهله
اقرأ أيضًا: شكرًا للشعب العربي الليبي لقد أيقظتم الأمة
للقضية الفلسطينية ثقلها الروحي، وحضورها في وجدان الشعوب العربية كلها، وما الشعب العربي السعودي إلا طليعة الأمة العربية والإسلامية الرافضة للتطبيع، وللسعودية ثقلها السياسي والاقتصادي، وللسعودية مكانتها الروحية، وهي تعرف قدرها حق المعرفة، لذلك ربطت السعودية التطبيع مع (إسرائيل) بالحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، وهذا ما يجب أن تتمسك به قيادة السلطة، الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، بما في ذلك الوقف الفوري لجميع أشكال الاستيطان، والتوقف الفوري عن اقتحام المسجد الأقصى والمدن الفلسطينية، والموافقة الإسرائيلية على "مبادرة السلام العربية"، مع جدول زمني للانسحاب الإسرائيلي، وذلك أضعف المطالب في هذه المرحلة.
الموقف الفلسطيني الحازم سيشكل الدرع الواقية، الذي سيحمي ظهر السعودية من الضغوط الأمريكية، ولا سيما مع بروز عاملين مهمين في الأيام الأخيرة:
العامل الأول: نجاح الشعب العربي الليبي في إسقاط مؤامرة التطبيع، وقد مثلت مظاهرات الليبيين مادة تحريض للأمة ضد التطبيع والمطبعين، وهذا ما لا تتجاهله المملكة العربية السعودية.
العامل الثاني: تصريح وزير المالية سموتريتش، بأنه جاهز لتقديم تنازلات للسعودية مقابل التطبيع، ولكنه غير مستعد لتقديم أدنى تنازل للفلسطينيين، فيما يتعلق بما زعم أنها "أرض (إسرائيل) التاريخية"، ويقصد بذلك الضفة الغربية.
ليظل التطبيع بين (إسرائيل) والأنظمة العربية قراراً بيد قيادة السلطة، فإن اقتصرت المطالب على مساعدات مالية، وبعض البيانات اللفظية، واللقاءات الشكلية، والمفاوضات الوهمية، فطريق التطبيع مفتوحة على مصراعيها، ستعبر منها (إسرائيل) إلى كل المنطقة.