الإسرائيلي "يمد يده للسلام"، ولكنه لا يصافح ولا ينجز السلام، يمد يده بحيث لا تصل أطراف أصابعه إلى أصابع خصمه أو ضحيته الجديدة، اتفاقية أوسلو البائسة من الشواهد الماثلة على المراوغة والخداع الإسرائيلي، وقّعوا مع الطرف الفلسطيني اتفاقًا منحهم "شرعية" دولية لم يحلموا بها، والفلسطينيون لم يحصلوا على شيء، ودعونا من المسميات الخادعة التي توهمنا بوجود "دولة فلسطين" التي لا سيادة حقيقية لها على أرض الواقع، أين هي الدولة التي لا مساحة محددة لها ولا حدود أو معابر تسيطر عليها والمستوطنات الإسرائيلية تنتشر في أراضيها كالسرطان؟
(إسرائيل) احتاجت سنوات عديدة لإفراغ اتفاقية أوسلو من محتواها واستنزاف قادة منظمة التحرير الذين وضعوا جانبًا من أجل التفرغ لقطف الثمار الحقيقية لاتفاقية أوسلو البائسة، إذ حصلت دولة الاحتلال على شرعية غير مسبوقة من المجتمع الدولي ثم انتقلت إلى التطبيع مع الدول العربية بخدعة مبادرة بيروت أو المبادرة العربية للسلام التي كانت مطيّة الدول العربية من أجل تجاوز حساسية الفلسطينيين وإسكات منظمة التحرير، بعد مضي عشرين عامًا على المبادرة العربية للسلام لم يحترم أي من بنودها لمصلحة القضية الفلسطينية ولكن قطار التطبيع بدأ مسيرته بل وقطع شوطًا طويلًا دون أي انسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية بل على العكس، إذ تعزز الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وأصبح تدنيس المقدسات من الجرائم المعتادة لدى المستوطنين وجنود جيش الاحتلال، فضلًا عن استمرار حصار قطاع غزة، واستمرار جرائم القتل في الضفة الغربية.
اقرأ ايضًا: إستراتيجية الصراع في فلسطين
اقرأ أيضًا: الضفة الغربية.. معادلة الأمن والسلطة والاحتلال
قادة (إسرائيل) اعتقدوا أن الفلسطينيين لم يعودوا عائقًا أمام عملية التطبيع الإسرائيلي مع الأنظمة العربية، ومنهم من قال، إن الملف الفلسطيني لم يعد أولوية، ولكن الانتفاضة المسلحة المتصاعدة في الضفة الغربية قلبت الطاولة، وجعلت الشأن الفلسطيني على رأس الاهتمامات الإسرائيلية والعربية والدولية، حيث ولى زمن الهدوء في الضفة الغربية، ولم تعد بيئة خصبة للاستيطان والتوسع الإسرائيلي بل لن يكون هناك مناخ ملائم لعملية التطبيع، خاصة أن اليهود أنفسهم يعلمون أن أمنهم مرتبط مع أمن الشعب الفلسطيني وليس مع علاقات جديدة مع الإمارات وغيرها لا تجلب سوى غضب الفلسطينيين والشعوب العربية التي قد تنفجر في أي لحظة ضد علاقات الحكام العرب غير الشرعية مع الاحتلال الإسرائيلي.