فلسطين أون لاين

التهديد الإسرائيلي بالاغتيالات سيزيد أزمة الاحتلال

شهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا بتهديدات الاحتلال باغتيال قادة المقاومة؛ ردًّا على تصاعد عملياتها، ما يرسّخ حقيقة ثابتة من تاريخه الدموي، وسجلّه المزدحم بقائمة طويلة من الاغتيالات منذ ما قبل قيام الدولة 1948 وحتى الآن، والذاكرة الفلسطينية والعربية لا تزال تعي وتتذكّر وتخلّد أسماء سياسيين، وعلماء، ومفكرين، ومقاومين، راحوا ضحية هذه السياسة الدموية.

اليوم تأتي تهديدات الاحتلال الجديدة باستئناف الاغتيالات عقب عجزه وفشله وإخفاقه بوقف تمدّد المقاومة، واتساع رقعة هجماتها، وجبايتها أثماناً باهظة من جنوده ومستوطنيه، ورغم أن هذه السياسة لم تحقق له في السابق حلًّا جذريًّا للمقاومة المتألّقة، لكنه ما زال يزعم أنها تلبي احتياجاته الأمنية، باعتبارها الوسيلة الأنجع لوقف ما يسمّيه بـ(القنابل الموقوتة).

يزعم الاحتلال أن الاغتيالات تحقق له أهدافًا رئيسة، أهمها: التشويش مؤقتًا على قيادة المقاومة، وعرقلة العمليات المخطط لها، وإلزام رجالها بالنزول للعمل السري والاختباء، ما يصعّب عليهم التخطيط للعمليات، وتنفيذها، فضلًا عما يوجد في هذا الأسلوب من قاعدة "العين بالعين"، وهو هدف الانتقام، على الأقل بالنسبة لمعنويات الجمهور الإسرائيلي.

اقرأ أيضًا: (إسرائيل) تهديد تلزم مواجهته وفرصة يجب استغلالها

اقرأ أيضًا: الإسرائيليون ينحدرون إلى قاع بلا نهاية

ومع ذلك، أثبتت المقاومة أن الاغتيالات لم تكسر شوكتها، وانفضاض الناس عنها، بل الالتفاف حولها، وهذا ما أكده الخبراء الإسرائيليون بقولهم إن تمسك الاحتلال بسياسته القديمة الجديدة لنظرية "كي وعي" الفلسطينيين، حتى يضغطوا على منفذي العمليات للتوقف عن أعمالهم، أسفر عن نتيجة معاكسة تماماً، بدليل أن الاغتيالات شجعت المقاومة أكثر من قيامها بمنعها.

أكثر من ذلك، فقد تولّدت لدى الإسرائيليين قناعات قديمة جديدة بأن سياسة الاغتيالات، مآلها خيبة أمل جنرالاتهم، الذين اعتقدوا أنها تدفع قادة المقاومة لأن يهتموا بأنفسهم، ويسعوا للحفاظ على حياتهم، ويتركوا التخطيط للعمليات، وتنفيذها ضد الاحتلال، والنتيجة أن هؤلاء الجنرالات كانوا حالمين، فلم تؤدِّ هذه العمليات إلا لتعاظم عمليات المقاومة، وهجماتها الناجحة، وزيادتها كمًّا ونوعاً، وبالتالي تعاظم الخسائر الإسرائيلية. 

في الوقت ذاته، يتجاهل الاحتلال تحت وطأة أزمته الأمنية المخجلة أن أي اغتيال لقادة المقاومة يعني توفير من المسوّغات لها لمضاعفة عملياتها، وجعلها أكثر ضراوة، ولذلك يبدو من المسموح إسرائيليًّا الاعتراف بحقيقة أن عمليات التصفية لا توفر دماء الجنود والمستوطنين، بل تزيد منها.

كما أن الاغتيالات تشبه الوقود الذي يؤجج نار المقاومة، ويجعل عملياتها أكثر خطورة، وأشدّ تصميمًا، رغم مزاعم الاحتلال بأن أي اغتيال لقادتها يعني تحقيق انتصار عليهم، وهو نصر يذكرنا بالعبارة الشهيرة للملك بيروس: "نصر آخر كهذا وسنؤول للهاوية"!