دولة الاحتلال تريد كل شيء، ولا تريد شيئًا واحدًا، هي تريد أن تكون الدولة الأكثر قوة وسيطرة في الشرق الأوسط! وتريد أن تكون دولة نووية وحيدة تمتلك سلاحًا نوويًّا فتاكًا في منطقتنا العربية، وتريد أن تكون القوة الاقتصادية الأكبر، وتريد أن تكون الدولة الأكثر رفاهية، وتريد أن تكون دولة احتلال بلا نقد أو مقاومة، وتريد أن تكون مدللة في البيت الأبيض، والاتحاد الأوروبي، ومجلس الأمن، وتريد أن تكون صاحبة أولوية في كل عواصم الدول الكبيرة والعظمى، وتريد أن تكون على تطبيع كامل مع السعودية ومع كل الملوك والرؤساء العرب والدول الإسلامية! دولة الاحتلال تريد أن تكون بداية التاريخ والجغرافيا في فلسطين، ونهاية التاريخ فيها أيضًا.
دولة الاحتلال تريد كل هذا وذاك، وتريد الماء والهواء والأرض والبحر والسهل والجبل والمدن والقرى والقدس بيت لحم والضفة والأغوار، ولا تريد وطنًا فلسطينيًّا، ولا شعبًا فلسطينيًّا، ولا دولة فلسطينية، ولا مقاومة فلسطينية، ولا تاريخًا فلسطينيًّا، ولا جغرافيا فلسطينية، حتى إنها لا تريد سلطة فلسطينية ذات سيادة ومال! هي تريد كل شيء ولا تريد فلسطين حرة كريمة ذات سيادة، ولو على شبر واحد من أرض فلسطين!
هي لا تريد دولة فلسطينية، ولا مقاومة فلسطينية، وحين يقاوم الفلسطيني فهو إرهابي يجب قتله وإعدامه، وتحريض دول العالم على دمه.
اقرأ أيضًا: مفارقة في زيارة وفد الكونجرس
اقرأ أيضًا: الزيارات الأمريكية لدولة الاحتلال لا تخفي الخلافات الثنائية
دولة الاحتلال تريد الفلسطينيين نعاجًا، وخدمًا لها! الفلسطيني الجيد عندها هو الفلسطيني الميت، والفلسطيني الخادم والعميل، وحتى هذا العميل لا يسلم من القتل والتصفية بعد امتصاص دمه، وإفساد مكوناته الإنسانية!
تتألم دولة الاحتلال من قتل مستوطنين في حوارة، ولا تخجل من نفسها، ولا تتألم وهي تقتل الأبرياء في نابلس وجنين، دولة الاحتلال تفتخر بتصفيتها مقاومين فلسطينيين في اجتياحاتها للمدن والمخيمات الفلسطينية، وتحتفي بالقتلة من جنودها على أنهم أبطال، وحين ينتقم فلسطيني لدم أبيه أو أخيه أو صديقة تصفه بالإرهاب، وتحرض السلطة والعالم ضد جميع الفلسطينيين!
هذه الحالة الشاذة، التي لا تستقيم في المنطق، ولا تتقبلها النفوس السوية المحترمة، لا يمكن أن تبقى للأبد، بل يجدر أن تنتهي بسرعة، فلا يوجد شعب في العالم وإن كان ضعيفًا أو وحيدًا يقبل بهذا الخسف، وهذا الضيم، ولأنه لا يقبل بذلك فطرة وخلقة، فإنه يقاتل في نابلس وجنين بأظافره، ويتحدى هذا الدولة المتغطرسة، ويكشف زيف وجودها، لأن وجودها مخالف للتاريخ وللجغرافيا وللمنطق، وحوارة رمز من رموز الرفض الفلسطيني للخسف والضيم، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.