تواصل حكومة الاحتلال اليمينية فرض مزيد من الإجراءات والقرارات على أهلنا من فلسطينيي الـ48، في محاولة لـ"سلخهم" عن امتدادهم الوطني والعربي والإسلامي، وتعبيد الطريق رويدا رويدا مع مرور الوقت لإنجاح مخططات "الأسرلة والتهويد والصهينة والعبرنة"، التي فشل الاحتلال بفرضها طيلة سبعة عقود وزيادة عليهم.
آخر التوجهات الاحتلالية الرسمية بحق فلسطينيي الـ48 تتعلق بمنح جهاز الأمن العام- الشاباك صلاحية مراقبة ومتابعة عمل المعلمين منهم، ورصد المناهج التعليمية، ومتابعة سير العملية التعليمية، وصولا لفصلهم من العمل، بزعم "تطهيرها" من أي معانٍ وطنية تحرّض على التمسك بالهوية الفلسطينية، تحت ذريعة محاربة "العنف".
بدأ الأمر حين ناقشت لجنة التعليم في الكنيست مؤخرا مشروع قانون يصرح للشاباك إجراء فحص أمني على كل معلم مخصص للعمل في المنظومة المدرسية، ومراقبة تصريحاتهم في المدارس، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك اتخاذ قرار بفصلهم من العمل، وإلغاء شهاداتهم التدريسية.
اقرأ أيضًا: الصّراع في (إسرائيل) على وجه المشروع الاستعماريّ الاستيطانيّ
اقرأ أيضًا: إحباط إسرائيلي من استنفاد "المعركة بين الحروب" لأغراضها
لم يكن غريبا أن يتقدم بمثل هذا المشروع العنصري عتاة اليمين الفاشي من العصبة اليهودية والليكود، وهم: إيتمار بن غفير وتسفيكا فوغل وعاميت هاليفي، وقد جاء تحت عنوان وهمي اسمه "حظر توظيف الإرهابيين المدانين"، ما أعطى انطباعًا بأن الأمر يتعلق فقط بمن أدينوا في محكمة قانونية بوصفهم خطرا على أمن دولة الاحتلال، لكن هذا ليس هو الحال على الإطلاق، فالحظر المنوي تنفيذه لا يشير فقط للتورط بعمليات مقاومة، بل الدعم والتماهي مع أي منظمة معادية.
لا يحتاج أحدنا لكثير من الخيال ليعرف من المقصود بالمنظمات المعادية من وجهة نظر الاحتلال، وهي بالتأكيد قوى المقاومة المسلحة، رغم أننا نذكر جميعا كيف أن الاحتلال ذاته قام بتصنيف المؤسسات الحقوقية الفلسطينية بأنها "إرهابية"، بل إن الحكومة الحالية ربما تعد الاحتجاج الحالي ضدها عملًا إرهابياً، وبالتالي لا يجب على المعلمين الفلسطينيين في الداخل المحتل أن يتضامنوا مع هذه المؤسسات الحقوقية، أو يشاركوا منشوراتها، أو يُبدوا تعاطفاً معها.
فقط لمزيد من التوضيح، وحتى لا نعد الحكومات الإسرائيلية السابقة ملاكاً منزلاً، وأنها أتاحت حرية التعليم لفلسطينيي الـ48 بأريحية، وكما يشاؤون، فمن الأهمية بمكان أن نعلم أن نائب مدير قسم التعليم العربي في وزارة التعليم يعد عضوا في الشاباك، ويكون حاضرا في مقابلات التعيين، وله حق النقض في لجان التوظيف.
صحيح أن الجهات الأمنية مثل الشاباك والشرطة، ووزارتي القضاء والمالية، واجهوا لجنة التعليم بالعديد من الإخفاقات القانونية في هذا المشروع، وطالبوها بالتوقف عن إقراره، لكن أعضاء الكنيست اليمينيين الفاشيين العنصريين يظهرون تصميمًا، أكثر من أي وقت مضى، على إنجازه وإقراره.