بعد الانتصار الساحق الذي حققه على المعارضة، وبعد أن نجح في تشتيت شمل حشود المتظاهرين التي اختفت، واحتجبت عن الميادين مجرد التصويت على قانون ذريعة المعقولية، وبعد أن استقر الائتلاف الحكومي، وتوحد خلف التعديلات القانونية، سيحرص نتنياهو في الزمن القريب على لملمة شمل الإسرائيليين، وتوحيد صفوفهم، والخروج من حالة الانقسام إلى حالة الوئام، ولا طريق لنتنياهو لتحقيق ذلك غير انتصار خارجي، يعزز انتصاره الداخلي، ليحمل نتنياهو لمعارضيه ومؤيديه قوس النصر، ويقدم نفسه ملك (إسرائيل)، والحريص على الوحدة.
فأين سينشب الوحش أنيابه؟ وأي الجبهات مرشحة للمواجهة، وتلقي الضربات الإسرائيلية الانتقامية والإعلامية؟ وهل جبهة غزة هي الأقرب والأسخن؟ أم هي أرض الضفة الغربية؟ أم هي الساحة الإيرانية؟ بما في ذلك جنوب لبنان؟ أم كل الجبهات دفعة واحدة.
اقرأ أيضًا: هرتسوغ يحاول عبثًا ترميم العلاقة المتدهورة مع واشنطن
اقرأ أيضًا: مبدأ عدم المعقولية وانهيار الديمقراطية
الشرخ العميق الحاصل في المجتمع الإسرائيلي يؤكد أن كل الاحتمالات واردة، والأقرب للتنفيذ هو اغتيال أحد قادة التنظيمات الفلسطينية الفاعلة والوازنة في الساحة الفلسطينية، هذا الاغتيال الذي يعده نتنياهو صيدًا ثمينًا، وفرصة لا يمكن تفويتها، سيكون مدخلًا مقنعًا للداخل والخارج بمشروعية الحرب، وسيكون نتنياهو قد امتلك ميزة المبادرة والمباغتة، ووحد صفوف الجيش الإسرائيلي، الذي بدأت تنخره سوسة الانقسام المفزعة، ورفض الخدمة التي حركت لسان وزارة الخارجية الأمريكية لتقول: سنواصل دعم الجيش الإسرائيلي، دون الالتفات لقرار الكنيست بالمصادقة على قانون ذريعة المعقولية، وهذا الذي حرك وزير الدفاع الأمريكي ليتصل بوزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويطمئن منه على وضع الجيش، وهذا الذي حرك قائد القيادة الوسطى في الجيش الأمريكي لزيارة (إسرائيل)، وإجراء لقاءات عمل مع معظم قادة الأجهزة الأمنية في (إسرائيل)، بما في ذلك رئيس هيئة الأركان، في أكبر عملية متابعة واهتمام أمريكية في كل ما يتعلق بالجيش الإسرائيلي، بما في ذلك قدرات الجيش، وتماسكه الميداني.
القلق على كفاءة الجيش الإسرائيلي، دفعت وزير الحرب غالانت إلى استدعاء أعضاء لجنة الشؤون الخارجية والأمن، يوم الاثنين القادم، لمناقشة قضايا سياسية وأمنية، ستركز على كفاءة واستعداد الجيش الإسرائيلي للقيام بمهامه.
ولا أصدق من المواجهات الميدانية للتأكيد على كفاءة الجيش الإسرائيلي، هكذا يرى نتنياهو الأمور، وضمن هذا المنطق يتحرك نتنياهو، وهو يحرّض قادة الأجهزة الأمنية على إشعال فتيل الحرب، وقد تكون جبهة غزة هي الأقرب للمواجهة، كما شرح ذلك مسؤول أمني لصحفية "إسرائيل هيوم"، حين قال: لا أتوقع حدوث تراجع في قدرات (إسرائيل) العسكرية، إذا كانت العمليات ضد غزة أو ضد جنين، ولكنني أتوقع تراجع قدرات الجيش إذا خاضت (إسرائيل) حربًا موسعة ضد عدة جبهات!