ما يحدث في داخل الكيان الإسرائيلي من اضطرابات ومظاهرات تتصاعد تدريجيا ضد حكومة نتنياهو سببه عزم الكنيست الإسرائيلي على إلغاء مبدأ "ذريعة عدم المعقولية"، وقد تم إقرار مشروع الإلغاء بالقراءة الأولى، بانتظار القراءتين الثانية والثالثة لتمريره، وإن تم فذلك يعني رفع رقابة القضاء عن كل القرارات التي يتخذها الكنيست والحكومة وحتى المجالس المحلية أو أي جهة من حقها إصدار قرارات.
الشارع الإسرائيلي يتظاهر ضد حكومته بذريعة أنه يريد حماية الديمقراطية المزعومة في الكيان الإسرائيلي. كل سكان الأرض يعلمون أن هذا كيان غاصب وقائم على تشريد ملايين من الشعب الفلسطيني والاستيلاء على وطنهم بعد ارتكابه مئات المجازر وقتله آلاف الفلسطينيين وما زال ينكل في الشعب الفلسطيني ويحاصر قطاع غزة ويدنس المقدسات، وغير ذلك من جرائم يومية، وبالتالي لا معنى لادعاء الكيان الإسرائيلي أنه يحترم أو يمارس أيًا من القيم الإنسانية المتعارف عليها، فالديمقراطية التي يدعيها الإسرائيليون إنما تطبق على القتلة والمغتصبين، ولا يملكون شبرا على أرض فلسطين، ولا تطبق على أي فلسطيني، سواء ممن يحملون "الجنسية الإسرائيلية" ويعيشون داخل المناطق المحتلة عام 48 أو أولئك الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة.
اقرأ أيضًا: حكومة اليمين تواصل مسارها التخريبي في دولة الاحتلال
اقرأ أيضًا: "الطيارون الرافضون" يصبّون الزيت على نار الاستقطاب الإسرائيلي
مبدأ عدم المعقولية يعني أنه في حال اتخذ الكنيست أي قرار ترى فيه السلطة القضائية أنه يخالف المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الكيان أو أنه قد يتسبب بأضرار له أو أنه يتعارض مع المنطق و"المعقول" يتم إسقاطه بقرار قضائي، وهذا يعني أن الغلبة لقرار القضاء وليس لقرار الكنيست أو أي جهة أخرى. القضاء الإسرائيلي استخدم حجة عدم المعقولية لإقالة الوزير الفاسد درعي بعدما عينه نتنياهو وزيرا للداخلية والصحة، وإذا تم إلغاء مبدأ اللامعقولية يمكن لنتنياهو تعيين مدانين بجرائم قتل وسرقة واغتصاب في حكومته، وإصرار نتنياهو على تمرير إلغاء هذا المبدأ هو من أجل إغلاق ملفاته الجنائية في المحاكم الإسرائيلية وإنقاذ نفسه من السجن والعار الذي ينتظره، ومن الواضح أن بنيامين نتنياهو يمارس أكبر عملية ابتزاز ضد دولة الاحتلال كلها ويعرضها للخطر من أجل إنقاذ نفسه، وقد يلجأ فجأة إلى إلغاء مشروع القرار وطرد سموتريتش وبن غفير وتشكيل حكومة أو حتى التخلي عن الحكومة إذا ما تم إسقاط التهم الموجهة إليه في محاكم دولة الاحتلال "إسرائيل".