ما زالت دولة الاحتلال تعيش أجواء الانقلاب القضائي الذي تنفذه حكومة اليمين الفاشي، في ضوء أنها مصممة على المضي قدمًا في اتجاه واحد فقط، وهو الدكتاتورية كما تصفها المعارضة، حتى على حساب تحطيم "العقد" الاجتماعي القائم بين الدولة ومستوطنيها، مما يؤكد أن الإسرائيليين باتوا على مقربة من لحظة الحقيقة، بعد أن وصلوا إلى نقطة يشعرون فيها أنهم في الطريق إلى الانكسار.
لا تتردد المعارضة في الزعم بأن ما تشهده دولة الاحتلال خلال الشهور الستة الماضية يؤكد أن الحكومة الحالية مصممة على عرقلة مسارها، وقد فقدت كل الثقة فيها لأنها تمزق "العقد" الإسرائيلي، والمطلوب الآن "عقد" جديد، قبيل تدمير الدولة، وبات واضحًا أن هذه الحكومة تريد القضاء على كل ضوابط وتوازنات النظام السياسي، والحصول على سلطة غير محدودة لنفسها، وبالتالي تحويل الدولة إلى ديكتاتورية.
يكشف استعراض الشهور الماضية محاولات الحكومة القيام بتغيير معالم الدولة عبر هجوم تشريعي سريع، رغم محاولات المعارضة إيقافها، لكن الحكومة ترفض الاعتراف بخطئها، والتخلّي عن خطّتها الهدّامة، مع الكثير من الشكوك في مدى جدية الحكومة إنجاز تسوية مع المعارضة في اجتماعاتهما المتكررة لدى رئيس الكيان، وبالفعل فقد تم تأكيد كل الشبهات، والقضاء على كل أمل بوقف الحكومة عن مسارها التخريبي.
اقرأ أيضًا: يفكرون بالفرار ويندبون حظهم
اقرأ أيضًا: "الطيارون الرافضون" يصبّون الزيت على نار الاستقطاب الإسرائيلي
إن كل الخطوات الجارية في دولة الاحتلال تؤكد أن الحكومة مصممة على مخططها، ولم تتخلّ عن هدفها، بل غيّرت تكتيكاتها ببساطة، وتحاول الآن اتباع طرق التفافية جديدة، رغم ما تواجهه من معارضة شديدة، وصلت ذروتها في إغلاق الطرق العامة في الدولة، والاحتجاج أمام منازل الوزراء، لكن كل ذلك لم يشكل خطوات كافية لوقف الانقلاب التشريعي مؤقتًا، بل تنتظر الساعة التالية، ويبدو أنها ستحاول مرة أخرى، وأخرى، أما الإسرائيليون فيبدو أنهم على موعد مع أربع سنوات كاملة كي يبقوا في حالة توتر مستمر، وقلق دائم، وينتظرون الضربة التالية.
بدا لافتًا ما خاضه الإسرائيليون في الأيام الأخيرة من الخروج بشكل جماعي للشوارع، والتوقف عن الالتزام بأوامر الحكومة، والتوقف عن الخدمة العسكرية في الاحتياطيات، وإغلاق الاقتصاد، ويبدو أن الاسرائيليين عشية اقترابهم من لحظة الحقيقة، بزعم أن العقد الذي حافظ على تماسكهم 75 عامًا مات فعليًّا.
إن ما تعيشه دولة الاحتلال من حالة غير مسبوقة من الخلافات الداخلية، والعجز الأمني أمام الفلسطينيين، قد يجعل أوضاعها برمّتها في مهب الريح، لأن الحكومة تدخل شهرها السابع أمام أحداث غير متوقعة، وحلبتها السياسية الداخلية تتدحرج نحو مزيد من الفوضى، أما ساحتها الخارجية فتكشف عن مزيد من الإخفاقات، وسط تساؤل حقيقي يطرحه الإسرائيليون عن هوية صاحب القرار الحقيقي في الدولة.