ساعات قليلة أعقبت نجاح الائتلاف اليميني الفاشي في إنجاز انقلابه القضائي عبر التصويت على أهم بنوده في الكنيست حتى شهدت دولة الاحتلال المزيد من المظاهرات والاحتجاجات العاصفة، وبدأت تأخذ منحى خشنًا لافتًا، وصدور تهديدات بتوسيع رقعتها لتشمل كل القطاعات، بما فيها الهستدروت، التي قد يتسبب إضرابها بشلل حقيقي، لا أحد يعلم كيف ستتعامل معه الحكومة.
بجانب كل هذه التطورات، عادت من جديد التحذيرات من اندلاع حرب أهلية لتتصدر الساحتَين السياسية والإعلامية، وباتت هذه المفردة الأكثر تداولًا على مدار الساعة، بجانب سواها من مفردات الفوضى، وانهيار الدولة، ومع دخول الاحتجاجات على الانقلاب القضائي أسبوعها التاسع والعشرين، تزداد هذه الحدّة رويدًا رويدًا.
لا يخفي الإسرائيليون خشيتهم في غمرة هذا التخوف أن تتحقق نبوءة الرئيس السابق رؤوفين ريفلين قبل عدة سنوات، حين حذر بأن "نتنياهو سيأخذ الدولة معه إذا سقط، صحيح أن إسرائيل قد تكون بعيدة عن حرب أهلية حقيقية، لكن المسافة تتضاءل مع مرور كل يوم".
اقرأ أيضًا: الصراع السياسي الذي زلزل أركان الاحتلال
اقرأ أيضًا: الإرهاب الاستيطاني.. بين التعامي والتجاهل
وإن رصدًا حثيثًا لما تشهده الساحة الإسرائيلية يترك بما لا يدع مجالًا للشك انطباعًا حقيقيًا بأن الإسرائيليين على وشك الوقوع فيما لا تحمد عقباه من كابوس الحرب الأهلية، فقد جاءت آخر هذه التحذيرات على لسان رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، حين أعلن أن "إسرائيل تدخل في حرب أهلية، لأن ما حصل تهديد خطير، لم يحدث من قبل، نحن الآن في حرب أهلية، عصيان مدني مع كل التداعيات المحتملة على استقرار الدولة، وقدرة الحكومة على الأداء، وعلى طاعة جزء كبير من الإسرائيليين لحكومة يعتبرها جزء كبير منهم غير شرعية".
فيما أعلن وزير الحرب السابق بيني غانتس أنه "يخشى اندلاع حرب أهلية، لأن المجتمع يتفكك من الداخل، والتدهور على منحدر سلبي، وخطر حدوث حرب أهلية يتزايد، هذه ليست نبوءات نابعة عن غضب، هذا كلام واقعي، أنا أعيش داخل الدولة، وأرى كيف نتفكك"، أما الرئيس إسحاق هرتسوغ فأكد أن "من يعتقد أن حربًا أهلية حقيقية حدّ لن نصل إليه، فهو لا يفهم، لأن الأسابيع الماضية مزّقتنا، وأضرّت بالاقتصاد والأمن والمجتمع والعلاقات السياسية، والأهم: بالتماسك الإسرائيلي".
وفي حين أكد الجنرال يائير غولان أن "هناك طريقة واحدة فقط ضد حكومة "الحقد والشر" الحالية، وهي إعلان الانتفاضات الأهلية"، فقد رصد الجنرال يوم توف ساميه أهم مؤشرات بدء الحرب الأهلية، باعتبارها كرة ثلج تتدحرج، وقد تتحول في أي لحظة إلى "كرة نارية".
تحمل هذه الإقرارات الإسرائيلية شعورًا بالمرارة لأن نتنياهو وشركاءه اختاروا تدمير التوازنات، وحرق المكابح، والضغط على دواسة البنزين في سباق نحو الهاوية، ومع مرور الوقت سيكون الإسرائيليون في الشوارع ضد بعضهم، سواء احتجاجًا أو تأييدًا لهذه الحكومة الجامحة.