فلسطين أون لاين

حققت حلمًا خطّته على جدران غرفتها

"حلا أبو رويضة".. العقل الباطن يصنع نجاح الطالب وفشله

...
"حلا أبو رويضة".. العقل الباطن يصنع نجاح الطالب وفشله 
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

منذ بداية العام الدراسي لم تترك حلا أبو رويضة مكاناً في غرفتها إلا وخطت عليه بيدها معدل وضعته هدفاً وعملت لأجله منذ بداية العام الدراسي لتحقق حلمها وحلم أسرتها التي تعول كثيراً على ابنتها البكر في أن تُدخل إلى البيت فرحة التفوق بالثانوية العامة.

لم تخيب آمالهم، وحازت حلا المرتبة الأولى على الفرع العلمي على مستوى الوطن بالمعدل الذي أرادته (99.7%).

ففي كل عام يحرص والد حلا إبراهيم على أن يشاهدا سوياً مؤتمر الإعلان عن أوائل الوطن في الثانوية العامة، مخبراً إياها أمنيته بأنْ تكون يوماً ما من هؤلاء الأوائل، ولعمله مرشدا نفسيا في إحدى مدارس "وكالة الغوث" قدم الدعم النفسي لها منذ بداية العام، وحفزها على النجاح دون "توتيرها".

تقول حلا: "رغبتي في إدخال الفرح على قلب والدي هي دافعي الأكبر للاستمرار في الدراسة، فكلما تعبت وتوقفت، أخرج من غرفتي فأجد أبي أمامي وأتخيلُ فرحته لو حققتُ ما يرجوه من تفوق، فأعود للدراسة مجدداً".

اقرأ أيضًا: رابط فحص نتائج التوجيهي 2023 في فلسطين

وفي الثلاثة الأشهر الأولى من العام الدراسي بذلت "حلا" الكم الأكبر من المجهود لتعرف كيف تدير دراستها وكيف تتعامل مع كل مادة على حدة، وتقسيمها بين ما يحتاج للحفظ وما يحتاج للفهم وحل تمارين كثيرة، "كنتُ أضع لنفسي مهام أسبوعية فإذا أنجزتها كاملة يكون يوم الخميس إجازة".

متابعة مدرسية عالية

وتتابع: "أما إذا قصرتُ فيها فإنني أحرم نفسي الإجازة الأسبوعية، أما يوم الجمعة فيكون للمراجعة الشاملة والسريعة لكل ما درسته خلال الأسبوع، وأعتمد في دراستي على الكتاب المدرسي بشكل أساسي واختبارات السنين السابقة".

وتلفت إلى أن المديرة والمعلمات في مدرستها "مريم بنت عمران الثانوية" بذلن جهوداً كبيرة جداً في دعمها وكل المتفوقات بكل السبل الممكنة، "المديرة أنشأت مجموعة على تطبيق التواصل الاجتماعي "واتساب" ضمت فيه قرابة أربعين طالبة من المتفوقات في الفرع العلمي، كانت تطمئنُ علينا يوميا وعلى كيفية سير دراستنا، وتعرب عن استعدادها لتزويدنا بأي مراجع نحتاج إليها".

ودعمت المدرسة مشاركة "حلا" وعدد من زميلاتها في مسابقة منهجية على مستوى مديرية الوسطى حيث حُزنَ المركز الثاني، وكان لهذا النشاط دور كبير في تثبيت المعلومات وكسر "حاجز الخوف" لدى الطالبات، فأسئلة المسابقة كانت تحتاج لنوع من الذكاء والدراسة الفاعلة.

ولكون "حلا" كأقرانها ممن شهدوا فترة جائحة كوفيد-19، إذ لم تدرس الصفين التاسع والعاشر بشكل وجاهي، فقد ساورها القلق من الاعتماد على الحصص المدرسية فقط، فتحصلت على دروس خصوصية في مباحث الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، "لتثبيت المعلومات، كنتُ أنصت لشرح مدرساتي ثم أعيد الدراسة في المنزل ثم بمساعدة المدرس الخصوصي تثبت المعلومات في عقلي".

"نجاحك مع صنع أفكارك"

وترى حلا أن أي عوائق هي من صنع تفكير الطالب، كالتفكير في أزمة الكهرباء أو في ضيق العيش أو في الظروف التي تعيشها غزة، وتعليق الفشل عليها، " فنجاحك من صنع أفكارك، ففي العدوان الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على غزة في نهاية العام الدراسي ورغم أنني أسكن على مقربة من الخط الفاصل مع الاحتلال إلا أنني تجاهلتُ كل ما حولي ومضيتُ في دراستي كالمعتاد".

وتشير الطالبة المتفوقة إلى أنها كانت تغتنم وقت الفجر، حيث الصفاء الذهني للتعامل مع أي جزئية في المادة تصعب عليها، "يومي كان ينتهي بصلاة العشاء، وأكون قد درستُ المواد التي لا صعوبة فيها، وأي شيء يصعب عليّ أؤجله لفترة الفجر فأستفرد به حتى أنجزه".

وتعاملت "حلا" مع العام الدراسي كأي عام سبقه، فكانت تدرس بكل جد لأي اختبار مدرسي لتعرف من خلاله نقاط الضعف والقوة وتراكم عملها في الأشياء التي فيها صعوبة، "أما في فترة الاختبارات، فكنتُ أحل بداية الأسئلة السهلة ثم أعود للأسئلة التي فيها صعوبة لآخر الامتحان، ولا أسلم الورقة حتى نهاية وقت الاختبار بالكامل".

اقرأ أيضًا: نتائج الثانوية العامة.. نصر جديد في غزة

وتمضي بالقول: "بمجرد عودتي للمنزل أنسى الاختبار السابق بكل ما فيه، أرتاح قليلاً وأدرس للمادة التي وراءها، ولا أضيع وقتي بالمراجعة وحساب العلامات، ولا أتحدث معي أهلي بما قدمته وأكتفي بقول: الحمد لله".

ولم تكن "حلا" تلتفت إلى ما يقوله أقرانها عن صعوبة الاختبارات، بل تضع جهدها كاملاً في الحل، ثم تتجاهل كل الآراء السلبية عن أي اختبارٍ مرّ عليها، ولم تستهن بأي مادة يظنها البعض سهلة كالتربية الإسلامية بل ركزت على جميع المواد بالقدر ذاته".

وعن لحظة النتيجة، تبين أن رسالة وصلت لهاتف والدتها النقال بالمعدل أشعلت الفرح في قلب المنزل بعد ليلة عصيبة لم تعرف خلالها النوم خشية ألا تحصل على المعدل الذي تريده، مبينةً أنها ستنطلق في دراسة الطب البشري في الجامعة الإسلامية وهو الحلم الذي لطالما سعت له.