كثُرَ الحديث بالآونة الأخيرة في الإعلام العبري عن اهتمام (إسرائيل) في البحث عن خطوات لإنقاذ السلطة الفلسطينية من الإفلاس في ظل توقعات إعلان السلطة عن إفلاسها بسبب الوضع المالي الصعب الذي تمر به، ولكن في المقابل أكد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي بأن حكومته سوف تقمع طموح السلطة في إقامة دولة فلسطينية وترفض مجرد الحديث عن إقامتها.
نتنياهو ومعه كل قادة (إسرائيل) يعلمون أن نهاية كيانهم واحتلالهم لفلسطين مسألة وقت لا أكثر، ونذكر تمنيات وتساؤلات قادة الاحتلال إن كانوا سيحتفلون بالذكرى المئوية الأولى لإقامة كيانهم غير الشرعي أم لا، وهل سيصمد هذا الكيان ليبلغ الثمانين عامًا كما صمدوا في الماضي البعيد أم لا؟ ونحن نشهد حالة الانهيار التي يعيشها الكيان تدريجيًا، حيث فروا من قطاع غزة ومن جنوب لبنان، ووافقوا على وجود سلطة فلسطينية في بعض المناطق المحتلة عام 67 بعدما شعروا بالخطر الوجودي في أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الأولى، كما نشهد تقدم المقاومة الفلسطينية وما تفرضه من معادلات قاسية على المحتل مقابل تراجع قوة الاحتلال في مواجهة المقاومة والسيطرة على الشعب الفلسطيني سواء في مناطق السلطة الفلسطينية أو في المناطق المحتلة عام 48 وهذه دلالات ومؤشرات واضحة جليَّة على أن نهاية الكيان لم تعد بعيدة، وإذا كان قادة الاحتلال يدركون أنهم غير قادرين على حماية أنفسهم وهم يسيطرون على كامل أجزاء الضفة الغربية فكيف سيوافقون على إقامة دولة فلسطينية وانسحاب قواتهم إلى المناطق المحتلة عام 48؟ هل يمكن للمحتل أن يتخيل أن تكون المقاومة الفلسطينية موجودة في مناطق مثل قلقيلية، وطولكرم التي لا تفصلها سوى مسافة 13 إلى 17 كم عن البحر، أين هو العمق الجغرافي الذين سيوفر الأمن لملايين المستوطنين اليهود الذين يعيشون وسط الكيان الإسرائيلي؟ السلطة الفلسطينية وافقت على أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح تمامًا ولكن كيف ستقتنع (إسرائيل) بهذا الطرح وهي نفسها عجزت عن منع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من تطوير قوتها ووصولها إلى ما وصلت إليه في سنوات معدودة، وترى المشهد يتكرر في الضفة الغربية، أي لا يوجد ضمانات تمنع الشعب الفلسطيني من السعي نحو تحرير أرضه بكل ما أوتي من قوة، ولذلك لم يتوانَ بنيامين نتنياهو عن الإفصاح عن مخاوفه ورفضه القاطع لإقامة دولة فلسطينية حسب اتفاقية أوسلو البائسة.
نحن لسنا بصدد حل مشاكل الاحتلال ولكننا نتساءل: ما الجدوى من إصرار منظمة التحرير الفلسطينية على المُضي قدمًا في مسار التسوية الفاشل؟ الجانب الإسرائيلي لا يريد إقامة دولة فلسطينية ويريد الإبقاء على السلطة لأنه يرى أن وجودها يحقق مصالحه فلماذا تقبل منظمة التحرير على نفسها لعب هذا الدور؟
الحكمة، تقتضي من قادة المنظمة الرجوع إلى الإجماع الشعبي والفصائلي الفلسطيني وتطبيق وثيقة الوفاق الوطني واتفاقات القاهرة بما في ذلك إعادة تأهيل منظمة التحرير الفلسطينية، وتصحيح أوضاع السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية التي تقوم عليها السلطة الوطنية، كذلك ترتيب مؤسساتها جميعًا سواء بالانتخابات العامة أو بالتوافق الشامل بين الفصائل على أن يعرض ما يُتفق عليه على الشعب الفلسطيني في استفتاء عام للحصول على ثقته ومباركته.