قالت اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، إن للأخيرة "جملة من الإجراءات المعقدة" ترتبط بتقديم إحالة مرتقبة لملف الاستيطان لهذه المحكمة.
وردًا على سؤال صحيفة "فلسطين" عن الآثار القانونية المترتبة على إحالة ملف الاستيطان، قال الناطق باسم اللجنة، د. غازي حمد، أمس، إن هناك جملة من الإجراءات الطويلة والمعقدة التي تتطلب تقديم الأدلة والإثباتات، ثم إن للمحكمة إجراءات من قبيل الفحص والتثبت وخلاف ذلك، ولديها فريق عمل يبحث مدى دقة ما يقدم لها من الإثباتات، وبعد ذلك تتخذ إجراءاتها.
وأول من أمس، قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إحالة ملفات الاستيطان والتطهير العرقي والتمييز العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية في مدينة لاهاي.
وينص نظام محكمة الجنايات الدولية، على أنه "يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أي حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت وأن تطلب من المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم"، وأن "تحدد الحالة قدر المستطاع الظروف ذات الصلة وتكون مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحيلة من مستندات مؤيدة".
وأوضح حمد، أن إحالة ملف الاستيطان كان مطروحًا على طاولة اللجنة الوطنية للمتابعة مع المحكمة الجنائية، وأن مجموعة من الخبراء القانونيين من داخل وخارج فلسطين كانت الأولوية عندهم أن تتم إحالة ملف الاستيطان للمحكمة، لكن اللجنة كانت بانتظار المصادقة على ذلك من "المستوى السياسي" وخاصة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
ولفت إلى أن قرار الإحالة تأخر كثيرا، مفسرا بأنه كان يفترض من المستوى السياسي الرسمي المصادقة عليها منذ "فترة طويلة".
وقال: "نحن كلجنة كان لدينا موقف شبه جماعي بين الأعضاء بضرورة إحالة ملف الاستيطان للجنائية الدولية"، مشيرا إلى أن الظروف السياسية التي اتخذت فيه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إحالة هذا الملف، بعدما وصلت إلى قناعة بأن (إسرائيل) تتملص "من العملية السياسية".
لكن حمد شدد على أن موقف اللجنة كان دائما بأنها تتعامل مع ملف المحكمة الجنائية بعيدا عن أي علاقة بالوضع السياسي، وأن هذا الموضوع قانوني بحت، مردفا بأن الاستيطان غير قانوني وجريمة وانتهاك للحق الفلسطيني، وأن هذا ما تم طرحه في جلسات اللجنة الوطنية المتتالية، وجرى التأكيد على ضرورة عدم ربط المسار القانوني للمتابعة مع المحكمة الجنائية، بأي مسار سياسي.
وبين أن ملف الاستيطان تتوفر فيه الكثير من الإثباتات والنصوص القانونية الدولية والوقائع على الأرض والأدلة الدامغة التي تقول إن الاستيطان هو جريمة ضد القانون الدولي، وبالتالي من السهل محاكمة سلطات الاحتلال، التي ليس سهلا أن تتملص من هذه الجريمة، لأنها واقع يراه العالم.
وأشار إلى أن الاستيطان هو بمصادقة من حكومة الاحتلال، وأن هذا الاستيطان هو في أراض بحسب القانون الدولي هي محتلة.
ونوَّه حمد إلى وجود ثلاثة ملفات تتعلق بجرائم الاحتلال، هي الاستيطان، والعدوان على غزة، والأسرى، لكنه بيّن أن ملف الاستيطان "هو أكثر ملف لديه قوة في الأدلة والإثباتات على ارتكاب (إسرائيل) جرائم ضد القانون الدولي".
وقال المسؤول في "اللجنة الوطنية"، إن بعض المؤسسات الحقوقية قدمت ملفات في قضايا تتعلق بانتهاكات الاحتلال ضد الإنسان الفلسطيني، ما مثل "عملا مهنيا ممتازا"، مضيفا في الوقت نفسه أن الاستيطان هو موضوع جماعي وتم تقديمه كرزمة كاملة "على أساس أنه من السهل أن نكسب الجولة في هذا الملف؛ إذا سارت الأمور بشكل منطقي وقانوني".
وتابع: "ليس أمام (إسرائيل) أو حتى الجنائية الدولية إلا أن تسلم بأن الاستيطان غير قانوني وغير شرعي وأن تطالب (إسرائيل) بإزالة المستوطنات".
وكانت السلطة انضمت إلى المحكمة الجنائية الدولية في أبريل/ نيسان 2015، وطلبت من المحكمة التحقيق في جرائم حرب ارتكبها قادة الاحتلال ضد الفلسطينيين، منها ثلاث حروب عدوانية شنها الاحتلال على قطاع غزة بين 2008م و2014م، لكن المحكمة ردت بأنها "تدرس الحالة في الأراضي الفلسطينية" قبل الإعلان رسميًا عما ما إذا كانت ستجري تحقيقا جنائيا في الملفات التي قدمتها السلطة.
وعما إذا كانت المحكمة أبلغت الفلسطينيين بنتيجة دراسة الحالة، قال حمد: "حتى الآن لا"، مبينا أن عمل المحكمة "بطيء جدا ويحتاج إلى وقت طويل، ومع ذلك هذه معركة (قانونية) يجب أن نقاتل فيها وألا نستسلم".
ونبه إلى وجوب مواجهة الاحتلال من كل جانب سواء سياسيا أم اقتصاديا أم اجتماعيا أم إعلاميا، مضيفا: "القانون هو سلاح قوي".
وعن سؤال: هل تعتقد اللجنة الوطنية أن هناك ضغوطا سياسية على المحكمة الجنائية لمنع فتح تحقيق؟ أوضح أن لجنته لا تستبعد أن تكون هناك في بعض الأحيان تأثيرات سياسية قد تسرع أو تبطئ هذا الموضوع.
وتمم: "المحكمة تأخذ وقتا طويلا، بالتالي بعض القضايا تتعرض إلى نوع من التآكل بسبب طول الوقت في الإجراءات المتخذة"، لكنه أكد مواصلة الفلسطينيين إجراءاتهم القانونية.