فلسطين أون لاين

تقرير استدعاء السلطة لمسؤولي "أمان".. رسالة ترهيب وحماية للفاسدين

...
وقفة احتجاجية ضد استدعاء ومحاكمة السلطة لمسؤولي أمان
رام الله-غزة/ محمد أبو شحمة:

لم يرُق لديوان رئيس السلطة محمود عباس إعطاء مساحة من الحرية لمؤسسات مكافحة الفساد في الضفة الغربية للحديث عن تجاوزات مسؤولين في مكتبه، وتورطهم في قضايا فساد واضحة، فلجأ إلى القضاء بهدف قمع تلك المؤسسات.

وسارع ديوان رئاسة السلطة في رام الله، إلى توجيه شكوى ضد مستشار مجلس إدارة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) لشؤون مكافحة الفساد عزمي الشعيبي، والمدير التنفيذي للائتلاف عصام حج حسين، على خلفية تقرير حول "قضية تبييض تمور المستوطنات"، والتي تورّط بها شخصيات داخل مكتب رئيس السلطة.

وبعد الشكوى، سارعت النيابة العامة التابعة للسلطة، أول من أمس، إلى إحالة الشعيبي وحسين إلى التحقيق، بتهم "قذف وتشهير مقامات عُليا على رأس عملها، والنشر الإلكتروني حسب قانون الجرائم الإلكتروني، والتأثير على مجرى العدالة".

فساد ممنهج

وأكد الخبير في الشؤون القانونية والقضائية، عصام عابدين، أنّ إحالة الشعيبي وحج حسين إلى النيابة العامة بسبب حديثهم عن قضية فساد تتعلق بمكتب رئيس السلطة، "تُعدُّ رسالة واضحة المعالم بأنّ الفساد يُدار من أعلى المستويات السياسية".

وقال عابدين لصحيفة "فلسطين": "ما حدث مع المسؤولين في ائتلاف أمان يعكس أنّ الفساد في السلطة ممنهج، ويوجد له غطاء علني من قيادة السلطة".

وأضاف: "أنّ السلطة استخدمت نفوذها، وأساءت صلاحياتها من خلال التحقيق مع أشخاص يكافحون ضد الفساد، مقابل مكافأة من اتُّهم بالفساد".

وعدّ أنّ إحالة الشعيبي وحج حسين للتحقيق "يأتي ضمن سياسة تكميم الأفواه، وبثّ الرعب والخوف في وجدان الناس، وإيصال رسالة إلى مكافحي الفساد بأنّ التحقيق والملاحقات الجزائية ستكون بانتظارهم".

وشدد الخبير في الشؤون القانونية والقضائية، على أنّ التحقيق مع أشخاص يكافحون الفساد، يكشف حجم الانهيار الحاصل في النظام السياسي والقضائي ومنظومة العدالة.

ولفت عابدين إلى أنّ منظومة العدالة أصبحت فاقدة لاستقلاليتها، وباتت إدارة تتبع مكتب رئيس السلطة وتفتقر إلى الحد الأدنى من الموضوعية.

اقرأ أيضًا: بالصور الضفة.. عائلة فلسطينية تناشد وقف انتهاكات السلطة بحق أبنائها

وأشار إلى أنّ المؤتمر الذي عقده ائتلاف "أمان" جاء في إطار مهامه ودوره فيما يتعلق بتعزيز النزاهة ومنظومة الشفافية ومكافحة الفساد، داعيًا الجهات الرسمية إلى متابعة المعلومات الموثقة التي يطرحها تقرير أمان في إطار دورها".

وذكر عابدين أنّ التراجع الخطير في دور مؤسسات المجتمع المدني يُشجّع في زيادة الفساد، مطالبًا بحملات ضغط ومناصرة من أجل المساءلة والمحاسبة.

سيطرة كاملة

من جهته، أكد الناشط في مكافحة الفساد، صهيب زاهدة، أنّ رئيس السلطة تدخَّل في عمل القضاء والقضاة مباشرة من خلال تعيينهم، بهدف السيطرة الكاملة عليه واستخدامه ضد المعارضين وقت الحاجة.

وقال زاهدة لصحيفة "فلسطين": إنّ "استخدام القضاء ضد مكافحي الفساد يهدف إلى ترهيب ومنع أيّ أحد من الحديث عن قضايا فساد لمتنفذين في السلطة".

وبيّن أنّ رئيس السلطة وظّف أيضًا إلى جانب القضاء، القرارات بقانون لمصلحته، من أجل القيام بتحركات سياسية واقتصادية بحرية مع وجود غطاء قانوني له، في ظل تعطيل المجلس التشريعي.

وأشار إلى أنّ السلطة استخدمت القتل ضد المعارضين بهدف منع أي حديث عن فسادها، كما حدث مع المعارض السياسي "نزار بنات" الذي قتلته عناصر من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، على خلفية حديثه عن فساد السلطة.

وشدّد على أنّ قضايا الفساد تنخر في مؤسسات السلطة دون معالجة، أو محاسبة للفاسدين، والتي كان أبرزها قضية تبرعات مستشفى خالد الحسن للسرطان، والتي تمت التغطية عليها دون الكشف عن الأموال التي جُمعت لصالح المستشفى.