لاقت عمليَّة التصويت على الميزانيَّة العامَّة «الإسرائيليَّة» الجديدة صراعات بَيْنَ حكومة نتنياهو وأقطاب المعارضة، ومرَدُّ ذلك اتِّهام المعارضة لرئيس الحكومة بالتواطؤ مع الأحزاب المؤتلفة معه لشراء مواقفها من خلال منح الحريدين وأحزاب «الصهيونيَّة الدينيَّة» حوافز ماليَّة ورشوات، وسخاء عام من الميزانيَّة عَبْرَ عناوين مختلفة.
المعارضة تقول وعلى لسان الجنرال بيني جانتس إنَّ نتنياهو يريد تدمير القضاء، وتدمير مؤسَّسات الخدمة والرفاهيَّة العامَّة للسكَّان والتربية والتعليم، من خلال تجيير الميزانيَّة العامَّة، واستغلالها لخلق حالة من التماسُك داخل حكومته باسترضاء أحزابها ماليًّا، ولتمرير مشروع «خفض سُلطة القضاء» الذي عاد للطرح مجددًا على الأجندة الداخليَّة «الإسرائيليَّة».
عمليًّا، وبمصادقة الكنيست على الميزانيَّة العامَّة 2023 ـ 2024، ضمنَت حكومة بنيامين نتنياهو حالة من «الاستقرار الداخلي» بعد فترة من القلق والاهتزاز الداخلي، وذلك بعد أن خضع نتنياهو لطلبات أحزاب الائتلاف الحكومي التي ابتزته للحصول على الميزانيَّات، شريطة التصديق النهائيّ على الميزانيَّة العامَّة لعامَيْ 2023 و2024.
وفي ظلِّ هذا الاحتكاك، تمَّ التصديق على الميزانيَّة بعد مناقشة استمرَّت 35 ساعة، فتمَّت عمليَّة التصويت على الميزانيَّة العامَّة للدولة للعامَيْنِ 2023 و2024 وعلى قانون التسويات، التي تشمل أيضًا قانون المُستوطنات (المُستعمرات) الذي تمَّت بموجبه الموافقة على عددٍ من الإصلاحات، مِثل إنشاء صندوق ضريبة الأملاك. وذلك يوم الأربعاء 24 أيار/مايو 2023، فتمَّ تصويت 64 من أعضاء الكنيست إلى جانب إقرارها، مقابل معارضة 56 من أعضاء الكنيست، حيث لوحظ تجنُّد واستنفار جميع أعضاء الكنيست عن الائتلاف الحكومي لجلسات المناقشات والتصويت، مع عدم تغيُّب أحد عن الائتلاف أو من المعارضة.
وتبلغ قِيمة الميزانيَّة العامَّة لعام 2023 قرابة 484 مليار شيكل بالعمليَّة المحلِّية «الإسرائيليَّة» حيث يعادل كُلُّ واحد شيكل أقلَّ من ثلث الدولار الأميركي، وفي عام 2024 ستكون نَحْوَ 514 مليار شيكل، علمًا أنَّ الحديث يَدُور عن أكبر ميزانيَّة في تاريخ الكنيست منذ قيامه عام 1949، ففي العام المقبل ستزيد على نصف تريليون شيكل لأوَّل مرَّة.
ويتوقع أن يذهبَ نَحْوُ 14 مليار شيكل من هذه المبالغ إلى أحزاب الائتلاف الحكومي، وستكُونُ ميزانيَّة وزارة التربية والتعليم نَحْوَ 77 مليار شيكل هذا العام، ونَحْوَ 82 مليار شيكل العام المقبل، وميزانيَّة وزارة الجيش حوالي 63 مليار شيكل، ونَحْوَ 64 مليار شيكل بالعام 2024، في حين ميزانيَّة وزارة الصحَّة ستكُونُ حوالي 44 مليار شيكل عام 2023 و50 مليار شيكل عام 2024.
إذًا استطاع نتنياهو أن يَعبُرَ مطبَّ التصديق على الميزانيَّة العامَّة 2023 ـــ 2024، واستطاع مرَّة ثانية احتواء واستيعاب الأحزاب المؤتلفة معه في الحكومة، ويتوقع أن تعود الكرَّة من جديد باتِّجاه الصراع على مسائل «خفض سُلطة القضاء» لأنَّها تهمُّ نتنياهو شخصيًّا للنفاد بجلده من ملفات الفساد التي تنتظره، ويتوقع أن تلاحقَه في الفترات القادمة، وهي ملفات ليس بجديدة بل عمرها عدَّة سنوات.