التطبيع يتقدم، والقضية الفلسطينية ثابتة لا تتقدم، بيان ذلك أن قمة العرب الـ(٣٢) في جدة أكدت موقفها التقليدي من القضية الفلسطينية، وهو موقف نظري بلا مواقيت وآليات عمل، في حين أن التطبيع مع (إسرائيل) يتقدم، فقد ذكرت الوكالات أمس خبرَان يدلَّان على التقدم، الأول: يتمثل في الاستعدادات الجارية لعقد قمة النقب، أو لقاء مظلة النقب في المغرب، حيث تجتمع دول اتفاق أبراهام ومصر مع إسرائيل وأميركا.
مظلة النقب لقاءات سياسية وأمنية واقتصادية تخدم مصالح(إسرائيل) على حساب القضية الفلسطينية، حيث يقفز المجتمعون عن قضية احتلال (إسرائيل) للقدس والضفة وغزة والجولان، الاحتلال بات شيئًا منفصلًا عن التطبيع عند قادة العرب، وقادة الاحتلال وأمريكا، وهذا الفصل تعسفي ويضر بالقضية الفلسطينية ضررًا بالغًا، وسيَضر لاحقًا بالمصالح العربية، ويخالف المبادرة العربية للحل.
والثاني: يتمثل في المعلومات التي تتحدث عن تقدم في مفاوضات التطبيع بين تل أبيب والرياض برعاية أميركية ووساطة بحرينية، والتصريحات الإسرائيلية تتحدث عن موافقة جاهزة على المبدأ، والمتبقي هو زمن الإشهار وآليات الإخراج.
ومن آليات الإخراج المتقدمة ذات المغزى: الموافقة السعودية على نقل حجاج فلسطين المحتلة نقلًا مباشرًا من مطار "بن غوريون" أو ريمون، بطائرات عربية من دول التطبيع، والعنوان تسهيل الحج، وما بعد العنوان التقدم خطوة نحو التطبيع.
إذا رجعنا قليلًا إلى تصريحات قادة الدول التي وقعت على اتفاقية أبراهام للتطبيع نجدها قد بررت التطبيع برغبتها في خدمة المصالح الفلسطينية والقضية الفلسطينية، والحال يتكرر في المعلومات التي تتسرب من مصادر مطلعة في المملكة، وجلُّنا يعلم أن القضية الفلسطينية لم تتقدم باتفاقية أبراهام، وأن التطبيع يكرس رؤية المحتل في السياسة الدولية ويقزم الحقوق الفلسطينية، ولو كان التطبيع ضارًا بمصالح (إسرائيل) ورؤيتها، ومفيدًا للفلسطينيين ما لهثت (إسرائيل) خلفه، ولما جندت الضغوط الأمريكية لفرضه على الدول العربية.
التقدم الحثيث في التطبيع يعني التأخر المؤسف للقضية الفلسطينية، ويعني أن القادة العرب غادروا فكرة التحرير، وفكرة استعادة الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧م، وغادروا إستراتيجية المقاطعة العربية (لإسرائيل)، وغادروا المبادرة العربية ذاتها، وهم في الأصل لا يشجعون المقاومة، والحل للقضية عندهم يكمن في تحسينات طفيفة على الرؤية الإسرائيلية للحل تحت حجة العمل وفق الممكن.
فهل توافقون على أن التطبيع يتقدم، وأن فلسطين القضية والدولة تتأخر؟ وهل تقبلون مزاعمهم بأن التطبيع يخدم فلسطين؟