عيوننا ترقُب إليك أقصانا كل يوم ووقت، تدور في أروقة المساجد وتعانق الكنائس القديمة، القدس بوصلة الأمة ومحور الصراع، فواجب علينا نُصرة قدسنا، وحماية مسجدنا بكل ما أوتينا من قوة، دون كلل أو ملل، بالرباط والاحتشاد ورفع العلم الفلسطيني وبارتداء الثوب والكوفية، بذلك قد نستطيع إفشال مخططهم ودحض مسيرتهم عن مسارها، فما يسعى له العدو الصهيوني من مرور مسيرة الأعلام المزعومة هي استعادة بسط سيطرته الكاملة على القدس، إذ إنه يشعر بعد 75 عامًا من نكبة فلسطين وإعلان كيانهم الزائل عام 1948 بانتهاك "السيادة" المزعومة والردع مع الفلسطينيين، وذلك لأهمية الأقصى في الحرب الدينية التي أشعلها العدو في الأعوام الأخيرة بعدوانه المستمر على المقدسات الإسلامية، وتُصر حكومة الاحتلال على مرور المسيرة من الحي الاسلامي وصولًا لباب العامود الذي يحدد جزءًا هامًا من الهوية المقدسية، في محاولة لتفريغ الإنجازات والانتصارات التي حققها أهل القدس في تلك المنطقة الإستراتيجية، تمهيدًا لإثبات الاحتلال بأنهم "أصحاب السيادة" وأحقيتهم في إقامة "الهيكل" عن طريق الجماعات اليهودية المتطرفة، فمسيرة الأعلام المزعومة ما هي إلا محاولة بائسة لاستعراض قوة الجيش المقهور أمام جبهات محور المقاومة، إذ يحاول نتنياهو رسم إنجازات سياسية وهمية بعد هزيمته المدوية في تصدير أزمته الداخلية وخسارته في كسب ثقة جمهور مجتمعه.
تُنظم مسيرة الأعلام احتفالًا بما يسمى يوم "توحيد القدس"، والذي يعد "عيدًا وطنيًا" مزعوما عقب إكمال احتلال القدس عام 1967 بالنسبة للمستوطنين والمتطرفين الصهاينة، ومنذ ذلك الوقت تقام المسيرة الاستفزازية بمناسبة هذه الذكرى، والتي توافق التاسع والعشرين من مايو/ أيار الجاري وفقًا للتقويم العبري، وتنطلق عادةً بعد الساعة الخامسة عصرًا، يتخللها رفع المستوطنين لأعلام الاحتلال، وأداء الأغاني ورقصات تلمودية في شوارع القدس والبلدة القديمة، والقيام بأعمال استفزازية، وترديد هتافات عنصرية تُحرض على "قتل العرب"، كما أن هذه المسيرة تهدف لفرض وقائع تهويدية وسيطرة إسرائيلية كاملة على مدينة القدس، لغايات دينية أيدولوجية سياسية، كما أنها تشكل نوعًا من التحدي من شرطة الاحتلال، واستفزازًا لمشاعر المسلمين والفلسطينيين، في حين يستعد الاحتلال لتأمين مسيرته عبر انتهاكات متواصلة لمنع المقدسيين وإخلاء المرابطين من المسجد الأقصى، إضافة إلى إجراءات التفتيش بهدف تأمين "مسيرة الأعلام"، التي حولت مدينة القدس المحتلة إلى ثكنة عسكرية، عبر نشر الآلاف من عناصر شرطة الاحتلال ووحداتها الخاصة وقوات "حرس الحدود" والخيالة، بما يتخللها من نصب للحواجز العسكرية وإغلاق للشوارع والطرقات وأزقة البلدة القديمة، مما يعيق حركة تنقل المقدسيين وإجبارهم على إغلاق محالهم، وبحسب شرطة الاحتلال، فإنها وافقت على اقتحام ومشاركة عشرات الآلاف من المستوطنين في المسيرة.
الخلاصة| في اعتقادي أن مسيرة الأعلام الصهيونية لن تمر مرور الكرام وسيُغيّر مسارها في الساعات الأخيرة من يوم عقدها خشية تصاعد التوتر، في ظل إرهاصات من جبهات أخرى تشير لاحتمالية تأجيج المسيرة للوضع الأمني، تزامنًا مع تهديدات جبهات محور المقاومة عقب العدوان الأخير على غزة والذي فشل في تحقيق أهدافه، إذ اغتالت قوات الاحتلال أعضاءً في قيادة المجلس العسكري لسرايا القدس ولكنها لم تقضِ على المقاومة، ولم تنجح بالاستفراد في فصيل بعينه في إثر تكاثف وتوحد غرفة العمليات المشتركة في وحدة الموقف ووحدة القرار ووحدة الميدان، وما زالت غزة تشكل مربع الرعب وهي تلوح بأنها أمينة على السيف المشرع لحماية المقدسات والثوابت، وعلى الحكومة الفاشية أن تعيَ وتتذكر أن سيف القدس لم يغمد، وهذه رسالة تحذير من تكرار مشهد 2021، خاصة وأن مسار المسيرة لن يمضي على خير لما فيه من ممارسة طقوس استفزازية وهتافات تحريضية ضد المسلمين والمقدسيين، إذًا نحن أمام مشروع صهيوني يميني متطرف بدعم حكومي فاشي متكامل بدور جماعات ومسميات خبيثة، وليست فئات هامشية من المجتمع الإسرائيلي تحاول أن تتغطى بهذه الجماعات الإرهابية.