اعترف المجتمع الدولي بـ(إسرائيل) عبر الأمم المتحدة متمثلًا بقرار جمعيتها العامة (رقم 273) الصادر بتاريخ 11 مايو 1949م، الذي بموجبه أصبحت (إسرائيل) عضوًا في الأمم المتحدة شريطة تطبيق (إسرائيل) قرارات الأمم المتحدة 181–194.
وبالرغم من مرور كل هذه السنوات إلا أن (إسرائيل) لم تلتزم حتى تاريخه بشروط الأمم المتحدة، في المقابل استمر الاعتراف بـ(إسرائيل)، ومن هنا بدأت الحكاية بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والقانون الدولي، إذ ضربت (إسرائيل) عرض الحائط بجميع قرارات الشرعية الدولية، ولم تستجب لنداءات الدول ولا الشعوب المحبة للسلام، ووضعت نفسها في مواجهة الجميع مستندة على ازدواجية المعايير التي يتبناها المجتمع الغربي، وعلى رأسه الولايات المتحدة بتوفير الحماية والدعم اللا محدوديَن لدولة الاحتلال، والضغط على الضحية وهو الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ والرواية، وآخرها حادثة اغتيال الأسير خضر عدنان نتيجة الإهمال الطبي، وهو الشهيد رقم 37 من الحركة الأسيرة.
لم يتوقف الأمر عند ذلك بل وصل إلى تصنيف مقاومة الشعب الفلسطيني المشروعة في القانون الدولي بالإرهاب، إذ يصنف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى حركتي حماس والجهاد الإسلامي بأنهما "إرهابيتان"، وانقلبت تلك الدول على التجربة الديمقراطية للشعب الفلسطيني وانتخابه لحركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006م، وفرضت عليها حصارًا سياسيًا واقتصاديًا، وشنت عدوانها الواسع على قطاع غزة مرات عدة في المدة ما بين 2006-2023م.
السؤال المطروح هل (إسرائيل) دولة إرهاب؟ كيف ولماذا؟ وما هو المطلوب لمواجهة المشروع الصهيوني؟
أولاً: (إسرائيل) دولة إرهاب.
ليس من الموضوعية إطلاق الاتهامات جزافًا، ليس الفلسطيني وحده من يؤمن بأن (إسرائيل) تمارس إرهاب الدولة، هذا الصوت بات يخرج من داخل المجتمع الإسرائيلي، على سبيل المثال لا الحصر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية وفي عددها الصادر يوم 24/8/2021م هاجمت زعيمة حزب ميرتس السابقة زهافا غلئون جيش الاحتلال الإسرائيلي واصفة إياه بأنه "عصابة"، كما وصف الطيار السابق في سلاح الجو الإسرائيلي يوناتان شابيرا في مايو2021م في لقاء صحفي الجيش الإسرائيلي بأنه "منظمة إرهابية، وقادته مجرمو حرب، والحكومة الإسرائيلية هي حكومة يهودية عنصرية وتجر المنطقة كلها إلى كارثة".
نعم، إسرائيل دولة (إرهاب)، وحاضنة للإرهابيين، ويعود ذلك للأسباب التالية:
1. ارتكابها لجريمة اقتلاع شعب من أرضه وتهجيره -(الشعب الفلسطيني عام 1948م)- بارتكاب العديد من المجازر التي ترتقي لجرائم الإبادة الجماعية، واحلال آلاف المهاجرين اليهود الذي أحضروا إلى فلسطين من أوروبا ليستوطنوا فيها، أي حل المشكلة اليهودية في القارة الأوروبية على حساب الشعب الفلسطيني، ونحن نعيش الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة.
2. العدوان المتكرر على الشعب الفلسطيني وبعض الدول العربية منذ إنشاء دولة الاحتلال وحتى يومنا هذا، على سبيل المثال: المجازر التي ارتكبت بحق الشعوب العربية شاهدة على إرهاب دولة الاحتلال، وآخرها جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
3. جريمة التمييز العنصري (الأبارتهايد) التي باتت السمة الأبرز لدولة الاحتلال الإسرائيلي التي تجلت في أبهى صورها بعد سن الكنيست الإسرائيلي في 19 يونيو 2018م قانون القومية، الذي ينص على أن (إسرائيل) دولة قومية للشعب اليهودي، في تجاهل وتمييز واضح على أساس قومي ديني بين اليهودي وغيره من السكان سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو غير ذلك.
4. تمثل (إسرائيل) حاضنة لبعض الحركات الاستيطانية النشطة التي تمارس الإرهاب بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية ومن أبرز تلك العصابات الإرهابية: (حركة غوش إيمونيم – وشبيبة التلال – وعصابات تدفيع الثمن، وهي العصابة التي حرقت عائلة دوابشة).
5. انتهاك (إسرائيل) للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية هو أكبر إدانة لها بأنها تمارس إرهاب الدولة، حيث تعلن جهارًا نهارًا أنها تبني المستوطنات وتشرعن البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية في مخالفة واضحة لقرار مجلس الأمن رقم 2334، إضافة إلى سيطرتها على أعالي الجبال من أجل سرقة المياه وحرمان الفلسطيني منها.
6. تتبنى حكومة نتنياهو الجديدة سياسة تغيير الوضع القانوني والتاريخي للقدس، التي عبَّر عنها اتفاق "نتنياهو سموتريتش بن غفير"، وتجسدت باقتحام "بن غفير" لباحات المسجد الأقصى تمهيدًا لتقسيمه مكانيًا وزمانيًا وصولًا لبناء الهيكل المزعوم.
ثانياً: آليات مواجهة المشروع الصهيوني.
بما أن الإستراتيجية الإسرائيلية مدعومة غربيًا، ينبغي أن يبدأ العمل على بناء إستراتيجية متوافق عليها بين الدول الإسلامية لمواجهة المشروع الصهيوني، وحماية المسجد الأقصى، وركائز تلك الإستراتيجية ما يلي:
(إسرائيل) دولة إرهاب تمارس التمييز العنصري، وعليه وجب قطع جميع أشكال العلاقات معها، والعمل الدبلوماسي المشترك لعزلها وتعريتها أمام بقية دول العالم.
المقاومة للمشروع الصهيوني واجبة وحق كفله القانون الدولي، وعليه ينبغي توفير جميع أشكال الدعم والمؤازرة سياسيًا وماليًا وإعلاميًا ولوجستيًا للمقاومة الفلسطينية بكل أشكالها.
دعم وتعزيز جميع حركات المقاطعة لدولة الاحتلال الصهيوني.
الخلاصة: المقاومة الفلسطينية هي اللواء المتقدم للدفاع عن الأمن القومي الإسلامي من مخاطر المشروع الصهيوني الذي يمتد من النيل إلى الفرات، وفضاء أمنه القومي يتجاوز ذلك، وما سلوك جهاز مخابرات دولة الاحتلال (الموساد) وعملياته القذرة الإرهابية التي تنتهك سيادة الدول، وآخرها التسريبات التي خرجت عن البيت الأبيض، التي تؤكد دعم (إسرائيل) لأوكرانيا في مواجهة روسيا، والعمليات القذرة التي كشف عنها مؤخرًا في ماليزيا وسوريا وإيران إلخ... خير دليل على إرهاب تلك الدولة وعدم احترامها المواثيق والأعراف الدولية كافة.