في مايو أيار ٢٠٢١م كانت معركة (سيف القدس) بحسب التسمية الفلسطينية للمعركة، وكلنا يذكر أن (مسيرة الأعلام) كانت سببًا من أسباب اندلاع هذه المعركة الشرسة، والتي توحدت فيها ساحات التواجد الفلسطيني، ولا سيما ساحة الداخل المحتل في اللد والمثلث والقدس.
ولا استهدف في هذه المقدمة عرض تفاصيل أيام القتال ونتائجها، ولكن أود أن أقول إن سبب الحرب هذه يعود ويتكرر، فبعد أيام ستكون مسيرة الأعلام الصهيونية المتطرفة في القدس، وستمر بالحي الإسلامي، وستقدم صورًا مستفزة من التحدي لسكان القدس والفلسطينيين، بل والعرب والمسلمين، لأن من ينظمون هذه المسيرة يربطونها بيوم تأسيس دولتهم في عام ١٩٤٨م، ويعتقدون أن مسيرة الأعلام هي تعبير لهم عن النصر في ذلك اليوم.
مسيرة الأعلام ليست احتفالًا بذكرى يوم من أيام التاريخ عندهم، بل هي مسيرة تستهدف صنع المستقبل أيضًا، فهم يريدون القدس عاصمة لهم، ويريدونها بلا سكان عرب، وبلا مقدسات إسلامية، لذا تحتك المسيرة عند تحركها في القدس بالمكان والوجدان، وتستفز المشاعر الوطنية والدينية عند الفلسطينيين، وسكان القدس على وجه الخصوص.
هذه مسيرة مسكونة بمتفجرات من أنواع مختلفة، فهل نذهب نحن الفلسطينيين إلى معركة جديدة، وحرب جديدة على غرار معركة (سيف القدس) بعد أيام قليلة؟ هناك من ينفخ في كير الحرب، ومنهم الوزير ابن غفير، ودعاة ذبح القرابين في ساحات المسجد الأقصى، وهناك تصريحات لقادة أمنيين وعسكرين تهدد غزة والساحات الأخرى بالاغتيالات وبالحرب واسعة النطاق؛ ما يعني وجود توجه يميني نحو توجيه مسيرة الأعلام إلى حرب جديدة، فهل نذهب إلى حرب بدعوتهم لها ولنا؟ أم لنا رؤيتنا الخاصة، نقرر من خلالها ما نريد وما ينفعنا؟
في دولة الاحتلال توجيهات سياسية وإعلامية موجهة، تنشرها الصحف، ووسائل التواصل الاجتماعي، في هذا الأسبوع، وتقف وراءها أجهزة أمنية تقول إن الرد على صواريخ غزة بعد مقتل خضر عدنان كان ضعيفًا، ولم يحقق الردع المطلوب، وأن حكومة نتنياهو ضعيفة، وأن معركة إضعاف القضاء أضعفت الجيش والردع.
لماذا يقول هؤلاء هذا الكلام؟ الجواب لأنهم يريدون حربًا أوسع، وردعًا أشد لغزة، وفصلًا للساحات الفلسطينية، ومن ثم مسيرة أعلام تحقق أهدافها بدون منغصات غزة وغيرها من الساحات؛ أي أن هؤلاء يريدون تحقيق أهدافهم من مسيرة الأعلام بشكل مسبق، بالتخويف والردع الذاتي، لذا هم يستبقون الحدث بتهديدات بسفك دم أكثر.