فلسطين أون لاين

تحترفه شابة فلسطينية

تقدم هدايا ويحتاج إلى صبر.. "البونساي" هندسة تقزيم الأشجار

...
المهندسة شهد الشريف
الخليل/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

"تقزيم الأشجار" أو "البنغ جين" أو "بونساي" كلها أسماء لفن يعتمد على زراعة وتربية الأشجار ضمن ظروف قاسية، بحيث تبقى الشجرة صغيرة الحجم يوحي جذعها بأنها معمرة، وهي حرفة تمتهنها المهندسة شهد الشريف.

وتذكر المعلومات المنشورة على شبكة الإنترنت أنّ الصين هي أصل منشأ هذا الفن، لكنه بات ينتشر أيضًا بشكل واسع في اليابان، وبات له جذورًا ضاربة في البلدين منذ آلاف السنين، قبل أن ينتقل إلى أنحاء العالم.

وتوضح الشريف (26 عامًا) أنّ فن "البونساي" يتجسد في عمل نسخة مصغرة لشجرة عادية، وذلك بالتحكم بنموها إذ يعمل الفرد الهاوي أو الفنان على العناية بالشجرة وتقليمها وتشذيبها الدائم والتحكم بنمو واتجاه الأغصان.

ويتطلب ممارسة "البونساي" الصبر وسعة البال، فالشجرة تنمو ببطء شديد، والعناية بها قد تمتد إلى عقود، وفق الشريف.

وتَبيّن أنّ شجرة "البونساي" تزرع إما من البذور أو بأخذها من أشجار أخرى، وعادة ما يكون ارتفاع شجرة "البونساي" من 5 سنتيمترات إلى 100 سنتيمتر للشجرة الكبيرة، "ويكمن جمال الشجرة في صغر حجمها، لذا يجب أن تشذب الشجرة وتقلم أغصانها وجذورها دائمًا، لذلك يسميه البعض فنّ النحت على الأشجار".

بالتدريج..

بجوار منزلها أقامت الشريف خريجة الهندسة الزراعية من جامعة الخليل بيتًا زجاجيًّا مسقوفًا بـ"الفايبر جلاس"، فيه مئات الأشجار التي تعمل على تقزيمها، نجحت حتى الآن في أربعة أصناف منها.

وتولي عناية خاصة لشجرة الزيتون، إذ وصل قطر شجرة الزيتون المقزمة إلى 10 سنتيمترات، وارتفاعات تتراوح بين 10 و30 سنتيمترًا، بما يمكن مقتنيها من وضعها كشجرة زينة.

وتُبيّن الشريف أنّ "التقزيم" مهمة تحتاج لوقت طويل يمتد سنوات، "ليست سهلة ولا سريعة، بل تحتاج مهارة ودقة على مدى سنوات، وتمر بعدة مراحل تعتمد بشكل أساسي على خلق بيئة قاسية للشجيرة للتحكم في نموها مع تقليم الورق والأغصان والجذور بشكل مستمر، والتعطيش (تقليل الري)".

وبعد عدة سنوات – كما تبين الشريف- يتم اقتلاع الشجيرة وتقليم ثلثي جذورها، وإعادة زراعتها في وعاء أصغر، لتحاول التأقلم مع الظروف القاسية الجيدة، فتبدو كأنها في عمر أكبر من عمرها الحقيقي.

ويمكن البدء بالتقزيم بطريقتيْن، الأولى تبدأ من البذرة، وتستغرق سبع سنوات على الأقل، والثانية: تبدأ بتقليم غصن غليظ من الشجرة العادية، وإعادة زراعته وإخضاعه لظروف التقزيم، وتستغرق من الوقت عامًا.

وتتأثر الأشجار المقزمة بالتغيرات المناخية بين بيئتها الطبيعية والبيئة التي يعيش فيها المعتني بها أو مقتنيها، ما يوجب عليهم مراعاة تلك الفروق في منطقة سكنهم، خاصة إذا كانوا يسكنون في مناطق مرتفعة، لذلك تزود الشريف المشتري بدليل مبسط تشرح فيه طرق العناية بالشجيرة. 

الهواية كانت البداية

تقول الشريف، إنها بدأت هذا الفن كهواية وهدايا لأصدقائها ومعارفها إلى أن لاحت فرصة تحويله إلى مشروع صغير بعد تلقّيها عدة تدريبات في مؤسسات زراعية مختلفة.

تقول: "قدمتُ لمنحة تمويلية ضمن برنامج ممول من مؤسسة أوكسفام، ومؤسسة الإغاثة الزراعية أنشأت من خلالها بيتًا زجاجيًّا بمعايير ومواصفات عالية على مستوى الضفة الغربية، بالإضافة إلى توريد لبعض المواد الخام اللازمة للبدء بالإنتاج".

ويعتمد مشروع الشريف هذه الفترة على خطَّي إنتاج، الأول تنتج من خلاله الأشجار المقزمة كشجر الزيتون وأشجار "فيكس بينجامينا"، والثاني تنتج من خلاله تنسيقات من الصباريات والعصاريات والحدائق المصغرة بجميع الأشكال.

وتبيع الشريف منتجاتها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لأهالي الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، ومناطق الداخل المحتل، كما يتم عرض جزء من المنتجات في نقاط بيع متعددة في محافظة الخليل، إذ تعمل على فتح نقطة بيع خاصة بالمشروع فيها. 

وتُبيّن الشريف أنها واجهت صعوبات في بداية مشروعها تمثّلت في ضعف خبرتها الزراعية العملية، وافتقادها للمعرفة التسويقية، "لكن بدعم من أهلي استطعت الوقوف على قدميّ".

وتنصح كل الخريجين بعدم انتظار الوظيفة، والبحث عن أفكار غير تقليدية لمشاريع صغيرة، تمكنهم من اقتحام سوق العمل والحصول على مصدر دخل مادي، "لا تضع حدودًا لطموحك كل ما تحلم به يمكن أن يتحقق بصبرك وقدرتك على تحمل الصعوبات".

وتؤمن الشريف بمقولة أنّ "كل ما يحلم به المرء قابل للتنفيذ، وحيث تصل أحلامك بإمكان أقدامك أن تصل".