اُعتقل فأضربَ عن الطعام ثم أُفرج عنه، هكذا كانت تسير حياته، أيام تنهش جسده الطاهر، وسنوات تُطوى، وحيدًا انتزع حريته باستشهاده، الشهيد الشيخ خضر عدنان، هذا الاسم الذي واجه قهر الاحتلال الإسرائيلي بأمعائه الخاوية وقلبه المغمور بحب الوطن.
خضر عدنان الرجل الحديدي الذي خاض معركته الخاصة مع سجان مستبد، عُرف بإضراباته المفتوحة عن الطعام رفضًا لاعتقاله في السجون، تحدى بها السجان للمرة السادسة، واستمر في آخر إضراب ٨٧ يومًا وكان هذا الإضراب الأخير الذي ارتقى إثره شهيدًا؛ ليلحق ركب الأسرى الشهداء الذين بلغ عددهم ٢٣٧ شهيدًا، وسيبقون أيقونة تُخلد في قلوب الفلسطينيين.
قضى حياته وحيدًا في زنزانته الباردة لا يَسمعُ إلا أنين قلبه، ولا يَرى إلا حريته، لا يُسمع صوته إذا صدح، ولا يُرى دمعه إذا انهمر، يَشهد بصمت مغموس بالرفض همجية الاحتلال في أساليب التعذيب.
"إذا كانت شهادتي فلا تسمحوا للمحتل بتشريح جسدي، وسجّوني قرب والدي واكتبوا على قبري هنا عبد الله الفقير خضر عدنان".. هذه كلمات مقتطعة من وصية الشهيد، خطها في الثاني من أبريل الماضي وأرسلها لعائلته مبتدئًا كلماته "أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي".
"خير بيوت فلسطين هي بيوت الشهداء والأسرى والجرحى والصالحين".. قالها خضر عدنان، وقوله الحق، فكل شبر من أرض فلسطين يُروَى بدم شهيدٍ، ويَرْوِي حكاية أسير، ويُضمد نزف جريح، ويحمل دعوات الصالحين.