دولة الاحتلال تتبنى سياسة القوة القاهرة، والقوانين العنصرية القاهِرة، والقضاء القاهر، والسَّجن الإداري القاهر، وغرض القهر في كل ما تقدم هو إخضاع الفلسطيني، ودفعه إلى الاستسلام ورفع الراية البيضاء.
المرحوم خضر عدنان لا يملك المحتل ضده تهمة واضحة بأدلتها، فلجأ إلى قهره بالسجن الإداري، فالمَرحوم لا يملك أداة للمقاومة وهو في سجنه غير أداة الإضراب عن الطعام، فأضرب وبلغ اليوم الـ(87) فاستشهد، وفي هذه المدة الطويلة لم تنفذ إدارة السجن القوانين المعمول بها في مثل هذه الحالة، بل تركته إدارة السجن يموت، هذا ولم تمثل تهديدات المقاومة ردعًا لحكومة الاحتلال لإيجاد حلّ لإضراب المرحوم بإذن الله، وكأن الحكومة تريد قهر خضر وقهر فصائل المقاومة أيضًا.
فصائل المقاومة انتقمت لخضر عدنان بقصف مستوطنات غلاف غزة، وهذا الانتقام ليس لترك خضر يموت فحسب، بل هو أيضًا دفاع عن النفس المُقاومة، وتنفيذًا عادلًا لتحذيراتها التي لم يوليها العدو المحتل اهتمامًا، وقفز عنها وكأن الأمر لا يعنيه، واعتلى قمة القهر بغفلته، فكانت صواريخ غزة البسيطة المتوفرة، ردًا مناسبًا على إستراتيجية القهر التي يتبناها العدو.
بعد القصف المحدود لغلاف غزة نشطت تصريحات قادة الحكومة وقادة المعارضة في (إسرائيل) مطالبين الجيش بتفعيل إستراتيجية القهر حتى ولو دخلت البلاد في حرب واسعة النطاق.
وكما نشطت التهديدات وتكاثرت دون أدنى حالة من حالات اللوم الذاتي على ترك خضر عدنان يموت، نشطت أيضًا الوساطات لوقف حالة التدهور ومنع حرب جديدة واسعة النطاق، ولكن يبدو أن العدو المسكون بالقهر لن يستجيب لمطالب الوسطاء، فهل تدخل غزة في حرب واسعة النطاق، أم أن الوسطاء والمجتمع الدولي قادرون على منع ذلك؟
غزة لا تريد الحرب، ولكنها لا تخشاها إن فرضت عليها، كما يقول قادة المقاومة، وغزة التي لا تريد الحرب لا تسلم للعدو بسياسة القهر التي يمارسها ضد الأفراد، وضد المجتمع الفلسطيني، فالاعتقال الإداري قائم على قهر الأفراد، وهو مخالف لحقوق الإنسان والقوانين الدولية، ولا نجد له تطبيقًا في غير دولة الاحتلال.
إن مواجهة سياسة القهر بكل أنواعها ومظاهرها هو قدر غزة والفلسطيني عامة، ولا يفرّ المؤمن من قدره، بل يتقبله بصبر وإيمان، ونقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.