فلسطين أون لاين

التسلل صفةٌ من صفات الصهاينة

على مدار سنوات، تسلل الصهاينة إلى فلسطين أفرادًا ومجموعات، وحين تمكنوا، ولاحت لهم الفرصة، اغتصبوا أرض فلسطين، وهجّروا سكانها في شتى أصقاع الأرض، وهذه الطريقة في التوسل والتسلل هي التكتيك المتبع لتحقيق الاستراتيجية القائمة على السيطرة على كل أرض فلسطين، بما في ذلك المقدسات الإسلامية والمسيحية.

التسلل إلى المسجد الأقصى، واقتحامه، وتقسيمه زمانيًا، جزء من إستراتيجية أشمل، تهدف إلى السيطرة التامة على المكان المقدس، في وقت لاحق، وتحويله إلى معبد يهودي، وقد نجح الصهاينة حتى الآن في تحقيق الخطوة الأولى، والتي تتمثل بالتقسيم الزماني للمسجد الأقصى، إذ أضحى لليهود زمن يمتد من السابعة صباحًا حتى الحادية عشرة والنصف قبل الظهر، ولهم زمن بعد الظهر، هذا الزمن ملك لليهود، ويسمح فيه للمتطرفين باقتحام المسجد الأقصى، والمرور عبر طرقاته، وإقامة بعض الطقوس الدينية، بهدوء، ودون إثارة مشاعر المسلمين بشكل صاخب.

سبق ذلك سيطرة اليهود على مدينة القدس بالكامل، وسيطرتهم على حائط البراق، الذي يزعمون أنه حائط المبكى، متجاوزين بذلك قرار اللجنة الدولية التي شكلتها عصبة الأمم المتحدة، بشأن حائط البراق، والصادر قبل مئة سنة 1930، ويقول:

1ـ للمسلمين وحدهم الحق في حائط البراق، ولهم وحدهم الحق فيه، كونه جزءًا لا يتجزأ من الحرم القدس.

2ـ تعود للمسلمين ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط، وأمام حارة المغاربة.

3ـ يحظر على اليهود النفخ في البوق "الشوفان" بالقرب من الحائط، أو أن يسببوا أي إزعاج للمسلمين.

4ـ يناط بالفلسطينيين تعمير الحائط، التعمير اللازم، ويجري تحت إشرافهم.

لقد تسللت الأطماع الإسرائيلية من بين شقوق قرار اللجنة الدولية، وسيطروا على حائط البراق سنة 1967، وسيطروا على الرصيف المقابل، ومسحوا حارة المغاربة، وصار اسمها ساحة حائط المبكى وفق زعمهم، ومنذ سنوات، تسللوا إلى مرحلة التقسيم الزمان، وهم في طريقهم الآن إلى المرحلة التالية، والتي تتمثل بالتقسيم المكاني، والسيطرة على مصلى باب الرحمة، إذ يزعم اليهود أن باب الرحمة في القدس يفضي إلى جبل الهيكل المزعوم، وأن المسيح المنتظر سيدخل من هذا الباب، وأن الصعود إلى السماء يوم القيامة سيكون من هذه البقعة الجغرافية، لذلك يتركز العدوان الإسرائيلي في هذه المرحة على مصلي باب الرحمة، من حيث الإغلاق، ومن ثم عزله عن جسم المسجد الاقصى، والاستفراد به، بهدف إقامة كنيس يهودي، كمقدمة لإقامة جبل الهيكل.

إقامة جبل الهيكل ليس عملًا استيطانيًا، ولا هو عدوان إسرائيلي، ولا هو مطمع اقتصادي ومادي، السيطرة على المسجد الأقصى، وإقامة جبل الهيكل عقيدة، إنه أيديولوجيا يهودية، تستند إلى وثائق دينية يعتنقها العدد الكبير من اليهود، وهم يعملون ليل نهار لتحقيق عقيدتهم الزائفة، المتممة لعدوانهم على الأرض، فأرض "إسرائيل الكبرى" بلا معتقد لا تستقطب الطامعين ولا تشد انتباه الواهمين، وهذا الذي يحتم على المسلمين كافة، وعلى العرب والفلسطينيين أن ينتبهوا للخطر، وأن يقفوا بقوة وصلابة في وجه الهجمة الدينية اليهودية، التي تستهدف مقدساتهم الإسلامية.