قرر نتنياهو أن حكومته ستمنع اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى بدءًا من اليوم الأربعاء، وحتى نهاية شهر رمضان.
القرار يفيد بأن الحكومة يمكنها منع اقتحامات المسجد الأقصى في كل أشهر السنة لو أرادت المنع وقررته. الحكومة ذات التوجهات اليمينية المتطرفة لا تريد المنع مطلقًا، هي تريد منعًا مؤقتًا فقط، وسبب ذلك أنها شريك أساسي في اقتحامات المتطرفين للمسجد الأقصى، وهذه الشراكة لا ترجع إلى وجود سموتريتش وابن غفير وزراء في الحكومة، ولا يرجع لأيديولجية اليمين وحكومتهم فحسب، بل ولحكومة بينت ثم لبيد أيضًا.
الأقصى للأسف مستهدف من كل حكومات (إسرائيل) خلال العقود الماضية، ولكنها لم تكن كلها سواء في درجة الاستهداف، إذ إن حكومة نتنياهو القائمة حاليًّا هي الأكثر والأشد استهدافًا له، وعليه فإن الخطر المتربص بالأقصى لم يتراجع بقرار التخلي عن الاقتحامات في العشر الأواخر من شهر رمضان ١٤٤٤ هجرية، بل إن الخطر يحيط بالمسجد الأقصى بشكل دائم، لأن فكرة اقتسامه مع المسلمين زمانيًّا ومكانيًّا فكرة ثابتة راسخة في خطط حكومات (إسرائيل).
حكومة نتنياهو تبحث عن شريك عربي يتقبل الاقتسام، ويتسامح معه تحت مسمى التعايش والسلام، وتحت مسمى مواجهة سعي المقاومة والمرابطين في الأقصى إلى إشعال حرب جديدة واسعة النطاق .
هل وجدت (إسرائيل) هذا الشريك؟ الجواب يقول: ربما وجدت (إسرائيل) شريكًا عربيًّا بالسر. ولكنها تريد الشريك العلني، لأن شريك السر لا يفيدها كثيرًا في قضية الاقتسام. اتفاقيات التطبيع تتضمن شريكًا بشكل أو بآخر، ولكن اتفاقيات التطبيع لا تفي بغرض (إسرائيل) في هذه القضية المرعبة، ولكن (إسرائيل) تواصل مساعيها، وتعمل على فرض قراراتها على المسجد الأقصى، ولست أدري ما موقف المطبعين من هذه القرارات!
القرارات التي تفرضها حكومة (إسرائيل) على الأقصى عديدة ومنها القرار الأخير، ومنها قرار من يدخل للصلاة، ومن لا يسمح له الدخول، ومنها قرار تحديد الأعمار، ومنها مدة المكوث في المسجد، ومنها قرار الاعتكاف، ومنها تفتيش المصلين، ومنها قرارات الإعمار ومنع الإعمار، وخلاف ذلك وهي بالعشرات، حتى أن الوصاية الهاشمية تبدو هزيلة أمامها، الخطر قائم ويتجدد، والحذر واجب، واستخلاص الأقصى من أوجب الواجبات.