معركة المسجد الأقصى هي معركة الأمة الإسلامية على اختلاف مشاربها، ومعركة الأمة العربية كلها، وهي معركة كل الشعب الفلسطيني، وأي تخاذل أو تكاسل أو اتكال سيفتح أبواب المسجد الأقصى على مصراعيها للتهويد، نعم للتهويد، فأي تخاذل سيُشجع الصهاينة، ويحفزهم على مواصلة العدوان لبناء هيكلهم المزعوم، والعربي الصغير قبل الكبير يعرف أن الصهاينة جادّون في ذلك، وفي غلوائهم سادرون.
الشعب الفلسطيني العاشق لوطنه يتطلع إلى غزة بعين الرجاء، ويستنهِض قوتها، ويرقب تدخلها، ولغزة تجربة قبل عامين، حين تدخلت في معركة سيف القدس، وفاجأت العدو الإسرائيلي، وأوجعته، وهذه التجربة الفريدة من المبادرة، والهجوم المباغت لرجال غزة، جعلت الشعب الفلسطيني يحترم مقاومة غزة، ويرى أنها قادرة على أن تشفي الغليل، وأن لغزة الإمكانية لتُشعل النيران في قلب الدخيل، وأن لغزة كلمتها المسموعة، ولها أهميتها الإقليمية، ومكانتها الدولية ولغزة سطوتها وهيبتها وسلاحها ورجالها، وأهلها الأبطال.
معركة القدس هي معركة كل فلسطين، والدفاع عن المسجد الأقصى ليس دفاعًا عن المقدسات فقط، وإنما دفاع عن جذر القضية الفلسطينية، التي يحاول الأعداء اقتلاعه من الأرض، لذلك فإن قوة غزة لا تكفي وحدها لصد الهجمة الصهيونية، المدعومة من الإمبريالية الأمريكية، لذلك لا يصح أن تغفو العواصم العربية، لتسهر غزة مع المرابطين على حراسة المقدسات الإسلامية، وليس من المنطق أن تتسلى رام الله بشعارات مدفوعة الأجر، في الوقت الذي يقيم عرين الأسود ليل نابلس بالتحدي والصبر، وتؤدي فيه كتائب جنين صلاة الفجر.
قد تربك المقاومة الفلسطينية حساب العدو، وقد تعيق المخطط، وقد تفسد الأطماع، ولكن المقاومة الفلسطينية لا تكفي وحدها لتخوض معركة مصيرية وتاريخية وعقائدية، دون أن يتكاثف الكل الفلسطيني، وهذا هو الرهان، ودون تصعيد المواجهة في كل الساحات، وعلى المفترقات وهذا هو الرهان، وإذا كانت القدس بحاجة إلى سلاح غزة وأبطالها، فإنها بحاجة إلى كل حجر في يد أشبال الضفة الغربية، وبحاجة إلى كل زجاجة مولوتوف في يد أبطال الخليل وبيت لحم وسلفيت وطوباس، والقدس بحاجة إلى شباب رام الله ويافا والناصرة وأم الفحم واللد، والقدس بحاجة إلى لبنان وعمان والقاهرة والرياض وقطر وتركيا وإيران، فكل أولئك هم السند للمقدسات الإسلامية، وهم ظهر غزة، التي لن تتأخر عن القيام بواجبها الديني والوطني والإنساني، ولن تخذل الشعب الفلسطيني، الذي يتطلع إلى أهل غزة بوصفهم العماليق. العماليق القادرون على لجم العدوان الصهيوني.