قبل عشرات السنين، وفي عز الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة سنة 1976، استجاب سكان غزة والضفة الغربية والقدس للنداء الصادر عن فلسطينيي 48، والداعي إلى إحياء يوم الأرض، لقد كانت استجابة الفلسطينيين في كل مواقع تواجدهم مربكة لحسابات العدو الإسرائيلي، ولا سيما أن النداء الذي صدر عن لجنة الدفاع عن الأراضي في فلسطين 48، قد اعتمد يوم 30 مارس آذار من كل عام، يوماً للدفاع عن الأرض الفلسطينية، ومواجهة قرارات العدو الإسرائيلي بمصادرة الأرض، التي يمتلكها فلسطينيو 48، ويقيمون عليها منذ مئات السنين.
في ذلك الوقت من التاريخ الفلسطيني لم تكن أرض الضفة الغربية تئنُّ من الاستيطان الصهيوني، كما هو حال الضفة الغربية في هذه الأيام، ولم تكن الأطماع الإسرائيلية قد وصلت إلى ترحيل التجمعات السكنية، كما يحدث اليوم في النقب، ولم يكن العدوان الإسرائيلي على المقدسات سافراً ووقحاً كما هو حاصل في باحات المسجد الأقصى، وكانت السياسة الإسرائيلية تلهث على المهادنة، وتسعى إلى تحقيق أي سلام مع العرب والفلسطينيين، على الرغم من كل ذلك استجاب عموم الفلسطينيين لنداء المواجهة، وخرجت المظاهرات الداعمة لفلسطيني 48 في كل مدن الضفة الغربية وغزة.
اليوم نحن العرب الفلسطينيون المقيمون على أرض فلسطين أحوج ما نكون إلى وحدة الموقف، ووحدة القيادة، ووحدة القرار، ولا سيما أن العدوان الإسرائيلي لم يعد يميز بين فلسطيني 48، وبين فلسطيني 67، ولم يعد هناك فرق في التوسع الاستيطاني بين الأرض الفلسطينية المغتصبة سنة 48، والأرض الفلسطينية المحتلة سنة 67، فاليمين الإسرائيلي الحاكم قد فاز بالأغلبية، وفلسفته السياسية تقوم على أن كل أرض فلسطين ملك خالص لليهود، ويرى بكل الفلسطينيين فائض أحمال، وقد تكون الموافقة على تشكيل قوات الحرس الوطني بقيادة إيتمار بن غفير، بميزانية تصل إلى مليار و 400 مليون شيقل خير دليل على الجرائم التي يعدها العدو الإسرائيلي ضد الفلسطينيين بشكل عام.
المسجد الأقصى في عين الاستهداف الإسرائيلي، وأرض الضفة الغربية محط الأطماع، وذبح غزة قد يكون هدفاً إستراتيجيًّا، وفلسطينيو 48 في عين العاصفة، بعد أن صدقت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي نهائيًّا على اقتراح قانون يمنح الشرطة صلاحيّات باقتحام البيوت دون أمر محكمة، وإجراء تفتيش وفق قرار ضابط الشرطة، هذا القانون بمثابة إعلان حرب على فلسطيني 48، ويتكامل مع تشكيل قوات الحرس الوطني التي ستمكن شرطة بن غفير من اقتحام البيوت، وفرض العقوبات الجماعية، وإطلاق النار بهدف القتل، واغتصاب الحقوق دون خوف أو وجل.
يوم الأرض ذاكرة فلسطينية لم تملَّ العطاء، وعلى الحكماء والعقلاء والقادة السياسيين والمفكرين ورجال المجتمع أن يلتقوا لبلورة آلية العمل المشترك لكل الفلسطينيين، فطالما كان العدوان على الشعب الفلسطيني نقطة التقاء لكل الأحزاب والقوى الإسرائيلية، فلا بأس أن يلتقي عموم الشعب الفلسطيني على هدف مواجهة العدو المشترك.