يحيي الفلسطينيون في الثلاثين من آذار مارس من كل عام ذكرى (يوم الأرض). الذكرى هذا العام تحمل الرقم (٤٧). الذكرى تقول : إنه في ٣٠/٣/١٩٧٦م قررت حكومة الاحتلال مصادرة (٢١) ألف دونم من أراضي الجليل والمثلث والنقب، وحين احتج الفلسطينيون قتلت قوات الاحتلال منهم (٦) أفراد، وأصابت آخرين، ثم اتخذ الفلسطينيون في داخل فلسطين المحتلة في عام ١٩٤٨م، والفلسطينيون في الضفة وغزة والشتات من هذه الأحداث يوما أسموه (يوم الأرض) يعلنون فيه أنهم يتمسكون بأرضهم ويدافعون عنها ولن يغادروها البتة.
في عام ١٩٤٧م سيطر اليهود بمساعدة دولة الانتداب على ١٦٨٢كم مربع، بنسبة ٦٪ من أرض فلسطين، ولكنهم الآن يحتلون ويسيطرون على ما نسبته (٨٥٪) من أرض فلسطين تحت الانتداب، وذلك بحسب الإحصاء الفلسطيني.
ويذكر الإحصاء الفلسطيني أن عدد الفلسطينيين المقيمين في الداخل المحتل، وفي الضفة الغربية، وفي غزة هو (7.1%) مليون نسمة، وهو يتساوى مع المقيمين اليهود في أرض فلسطين المحتلة وعددهم (7.1) مليون نسمة، بينما يبلغ عدد الفلسطينيين خارج فلسطين المحتلة (7.2) ملايين، أي أن مجموع الشعب الفلسطيني يبلغ (14.3) مليون نسمة.
الدلالة الإحصائية تقول: إن الفلسطينيين داخل أراضي فلسطين المحتلة سيكونون الأغلبية السكانية في الأعوام التالية، لأن نسبة المواليد عندهم ضعف ما عند اليهود. هذه الزيادة مريحة للفلسطيني، ولكنها مصدر قلق لليهودي، حيث تمثل خطرًا ديموغرافيا له تداعيات معروفة عندهم، لذا تعمل حكومات الاحتلال على: زيادة نسبة المواليد عند اليهود، وتقليصها في الوسط الفلسطيني. وتعمل أيضا على تهجير الفلسطينيين بآساليب مختلفة، ومنها دفعهم للهجرة الذاتية، وتعمل أيضا على طمس ومحو هويتهم المدنية والثقافية والدينية، وهي تحاصرهم باحتلال أراضيهم، وبالمستوطنات، وبالطرد من القدس. كما تعمل أيضا على ما يسمى بيهودية الدولة، حيث يكون اليهودي هو المواطن، والفلسطيني في الداخل مقيم يمكن طرده، وليس له حقوق المواطنة؟!
الدلالة الإحصائية التي تنشر عادة في ذكرى يوم الأرض لا تأخذ بالحسبان الأبعاد السياسية ذات العلاقة، لأن الإحصاء أرقام، وليس أفكارا وسياسة، ولكن إذا أضفنا إلى هذه الأرقام الخطر الذي أبداه سموتريتش وزير مالية حكومة نتنياهو الذي تجسد في اعتباره الأردن جزءا من أرض (إسرائيل)، كما كشف عن ذلك في زيارته لفرنسا خلال محاضرة بطائفة يهودية تؤمن بذلك، ندرك أن (إسرائيل) تعمل في الظل للسيطرة على الأردن، والخطوة المتقدمة على السيطرة هي مشروع ( الوطن البديل) للفلسطينيين. هذه الأفكار المتطرفة لم تمت في الفكر الصهيوني مع اتفاقية وادي عربة، وتطبيع الأردن علاقته مع (إسرائيل) كما تصور بعض الأردنيين؟!. التطبيع عند الإسرائيليين مرحلة من مراحل الوصول للسيطرة على الأردن.
يوم الأرض قراءة فيما يجب أن نفعله للأرض الفلسطينية، ولما يجب أن نفعله للبقاء على الأرض الفلسطينية، ولما يجب أن نعمله لبقاء الأردن عربيا خارج مشروع الوطن البديل، وخارج مشروع السيطرة والضم الذي أبداه سموتريتش وطائفته. يوم الأرض لا ينبغي أن نقف فيه عند الذكرى، بل علينا أن نتقدم منه نحو المستقبل. مستقبل الأرض الفلسطينية، والإنسان الفلسطيني. مستقبل الأردن الشقيق، حيث الضفة الغربية حارسة للضفة الشرقية لنهر الأردن.