تداول الفلسطينيون والإسرائيليون والأردنيون، وكل الأوساط العالمية، الخارطة الموسعة لدولة الاحتلال التي تصدرت منصة الخطابة لوزير المالية الفاشي بيتسلئيل سموتريتش في باريس، وشملت كل مساحة فلسطين والأردن وبعضا من حدود لبنان وسوريا والسعودية.
تحدثت هذه السطور قبل أيام أن تزامن تعميم الخارطة مع خطاب سموتريتش ليس زلّة لسان، بقدر ما هو تهيئة من اليمين الاسرائيلي لتسويق خطته السياسية التي يتوافق عليها أغلب معسكراته وتياراته، وتتلخص بإسقاط القصر الأردني، عقب ضم غور الأردن في الضفة الغربية، وتجسيد حلم أن الأردن هو فلسطين، وإقامة كونفدرالية بين السلطة الفلسطينية و"الأردن الفلسطيني"، لأن اليمين مهتم بضم الضفة دون ضم ملايين الفلسطينيين الذين سيتجهون للمملكة.
ليس سرّا أن اليمين الإسرائيلي، بصورته الأكثر قبحاً متمثلة بالصهيونية الدينية والعصبة اليهودية، لديه العديد من الخطط الخاصة بالأردن؛ وهنا يطرح السؤال: هل نحن أمام حملة إسرائيلية منظمة، أو أن الأمر لا يعدو كونه صدفة، رغم أن الاحتمال الأكثر ترجيحا أن تكون جميع هذه الآراء خرجت من تعليمات ذات الجهة الإسرائيلية التي تتربع على عرش السلطة اليوم.
اللافت أن هذا الحلم يشارك فيه اليمين الإسرائيلي، بكل مكوناته وتياراته، وجميعهم مؤيدون متحمسون لفكرة أن الأردن هو فلسطين، من خلال استكمال ضم الضفة، وإقامة الكونفدرالية بين السلطة والأردن الفلسطيني، وحينها، وفقا للتصور الإسرائيلي، سيحصل الفلسطينيون في الضفة على حقوق سياسية في الأردن بالطبع، وليس في دولة الاحتلال، لكن تنفيذ هذا المخطط يتطلب استهداف المملكة.
إن صعود اليمين الفاشي في دولة الاحتلال زاد من قناعاته بأن الحل المستقبلي للقضية الفلسطينية يكمن بإقامة دولة في الأردن، في ظل التطلعات الفلسطينية في الضفة نحو الحدود الشرقية مع المملكة، ووجود صلات عائلية تسكن هناك منذ عشرات السنين، على أن تحظى هذه الدولة الواعدة بدعم إقليمي ودولي كبير وسخي، وإقامة مدن جديدة.
لعل ما يشجع مثل هذه الدعوات الإسرائيلية المتطلعة للأردن، أن حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد عمليا، ولا واقعيا، والزعم بأن الحل البديل هو إقامة دولة فلسطينية شرق نهر الأردن، بحيث هنا تكون الدولة اليهودية، وهناك الدولة العربية الفلسطينية، بجانب بعضهما.
يصعب الحديث عن رواج تطلعات اليمين الاسرائيلي تجاه الأردن دون الأخذ بعين الاعتبار الكيمياء المتدهورة بين الملك عبد الله وبنيامين نتنياهو، رغم محاولة الأخير ترميم علاقتهما بزيارته السرّية، ما يستدعي من المملكة الردّ على هذه الأطماع الاسرائيلية المتصاعدة بصورة عملية فعلية، وليس عبر دعوات النواب لطرد سفير الاحتلال فقط، فعيون الاحتلال على القصر، وليس على قبة البرلمان!