فلسطين أون لاين

حكم من أخّر القضاء حتى دخول رمضان الثاني

...
حكم من أخّر القضاء حتى دخول رمضان الثاني
غزة/ ضحى حبيب:

أوجب الله على المسلمين صوم رمضان، ورخص لأصحاب الأعذار الفطر فيه كالمسافر والمريض، والحائض، والنفساء، والحامل، والمرضع، وأوجب على أصحاب تلك الأعذار قضاء عدد الأيام التي أفطروها بعد رمضان، وقبل دخول رمضان الثاني. 

وقد يدخل رمضان آخر دون زوال العذر طيلة العام، كأن يبقى المريض في مرضه، أو تكون مرضعة لا تطيق الصوم أو لأي عذر لم يتمكن معه الشخص من قضاء ما عليه من أيام. 

اتفق جمهور الفقهاء على أن من لم يتمكن من القضاء حتى دخل رمضان الثاني فلا حرج عليه ويلزمه القضاء بعد رمضان وفور انتفاء العذر، إذ يقول الشيخ محمد العثيمين-رحمه الله: "لا يجوز تأخير قضاء رمضان إلا لعذر، كما لو بقي مريضًا أو كانت امرأة ترضع فلا حرج عليها أن تؤخر قضاء رمضان الفائت إلى ما بعد رمضان الثاني". 

وقد يتهاون شخص فيؤخر القضاء حتى يأتي رمضان الثاني دون أن يقضي ما عليه من أيام من رمضان الفائت، واتفق الفقهاء على وجوب التوبة إلى الله تعالى وقضاء ما فاته بعد رمضان، واختلفوا في وجوب الكفارة عليه وهي إطعام مسكين عن كل يوم.  

فذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد أن عليه الإطعام واستدلوا بأن ذلك قد ورد عن بعض الصحابة كأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم.

واختار هذا القول الشيخ عبد الله بن جبرين-رحمه الله: "من أفطر في رمضان وجب عليه القضاء فورًا ولا يجوز له التأخير من غير عذر، فإن أخره بلا عذر حتى دخل عليه رمضان وجب عليه مع القضاء كفارة، وهي إطعام مسكين لكل يوم". 

وبه أفتى الشيخ عبد العزيز بن باز– رحمه الله، فقال: "يلزمه التوبة إلى الله تعالى، والقضاء، وإطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من قوت أهل البلد، ومقداره كيلو ونصف على سبيل التقريب يدفع إلى فقير واحد أو جمع من الفقراء"، وأجاز بعض الفقهاء أن يخرج مقدار الطعام مالًا. 

وذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- إلى أنه لا يجب مع القضاء إطعام، وهو ما اختاره الشيخ محمد العثيمين واستدل بقول الله تعالى: "فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" (البقرة: 184)، وقال: "وهنا إيجاب الإطعام مخالف لظاهر القرآن، لأن الله تعالى لم يوجب إلا عدة من أيام أُخر، ولم يوجب أكثر من ذلك، وعليه فلا نلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به إلا بدليل تبرأ به الذمة". 

وذكر أن ما روي عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما يمكن أن يحمل على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب، "فالصحيح في هذه المسألة أنه لا يلزمه أكثر من الصيام إلا أنه يأثم بالتأخير". 

وعلى هذا فالواجب هو القضاء فقط، وإذا احتاط الإنسان وأطعم عن كل يوم مسكينًا كان ذلك حسنًا.