"أنا مش مصدق.. كأني في حلم وليس في علم" كلمات قالها الأسير المحرر ربحي عمارة (64 عامًا) في لقاءه الأول مع عائلته التي حرمته منها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمدة 16 سنة قضاها خلف قضبان الأسر.
دقائق فرح ممزوجة بالدموع عاشها المُحرر "عمارة" في أولى لحظات احتضان أبنائه وأحفاده الذين لم يراهم مُطلقًا طيلة وجوده بين زنازين الاحتلال "احتضنت أولادي وبناتي الذين تزوجوا جميعهم وأنا في السجن، وأصبح لديهم أبناء ولم أتمكن من رؤيتهم وهم لا يعرفونني".
ويضيف عمارة والحزن يرافق صوته "في بداية اللقاء أحفادي لم يتعرفوا عليّ ولم يأتوا لحضني".
وفي الثالث عشر من مارس/ آذار عام 2007، اعتقلت قوات الاحتلال "عمارة" من مخيم طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، بتهمة الانتماء لكتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، والقيام بأعمال مقاومة.
و"عمارة" هو والد الشهيد القسامي "أمجد" الذي استشهد في أثناء تصديه لاجتياح قوات الاحتلال لمخيم طولكرم عام 2004.
إجراءات عنصرية
تفاصيل كثيرة سجّلها عمارة بين سطور صفحات مكوثه في عدة سجون إسرائيلية كما يروي لصحيفة "فلسطين"، إذ زجَّه الاحتلال في لحظات اعتقاله الأولى بسجن "مجدو"، وظل يتنقل من سجن لآخر، وكان آخرها "النقب الصحراوي" وذلك ضمن محاولات النيل من عزيمته.
اقرأ أيضاً: بالفيديو السلطة تقمع المشاركين باستقبال الأسير المحرر ربحي عمارة بطولكرم
ويقول إن سلطات الاحتلال حكمت عليه في بداية الاعتقال بالسجن مدة 12 سنة، ثم استأنفت الحكم ومددته 4 سنوات أخرى.
ويحكي: "الأسر بُعد عن الأهل والأحباب وفيه تعب ومشقة بفعل إجراءات السجان الإسرائيلي العنصرية، وخاصة إجراء التنقلات بين الفينة والأخرى، وهو ما يزيد حالة الإرهاق لدى الأسرى".
وقد غيّبت زنازين الظلم الإسرائيلية المُحرر "عمارة" عن مشاركته لأبنائه فرحة الزواج، "بناتي السبعة وابني تزوجوا وأنا في الأسر ولم أحضر أفراحهم"، يروي والغصّة تجتاح قلبه.
وينقل رسالة الأسرى الذين ما زالوا يقبعون خلف الزنازين بأنهم أقوياء ويواجهون عدوان الاحتلال ضدهم، وينتظرون لحظة الإفراج عنهم عبر صفقة مُشرفة تبرمها المقاومة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الأسرى يتابعون كل الأوضاع الميدانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
غياب تلك السنوات الطويلة في سجون الاحتلال لم تشفع له من بطش أجهزة أمن السلطة التي نزعت فرحة استقباله المُهيب الذي جهّزه أبناء محافظة طولكرم، وشارك فيه العشرات، الأحد الماضي.
فقد قمعت أجهزة السلطة، المشاركين في حفل استقبال المُحرر "عمارة"، وأطلقت قنابل الصوت والغاز تجاههم، وهو ما اعتبرها "تصرفات لا تليق بشعب يرزح تحت الاحتلال، والهدف منها التنغيص على العائلة والأحباب".
وقال: "كان من الأجدر على أجهزة السلطة حماية الشعب الفلسطيني وتوفير الأمان للمشاركين في حفل الاستقبال وليس قمعهم"، مستدركًا: "يبدو أن هناك أوامر عليا لهم بالتعامل مع الشعب بهذه الطريقة".
وأضاف: إنه "على مدار الأيام الماضية وقبل الإفراج عني بمدة وجيزة، كانت أجهزة السلطة تطلب من أبناء المحافظة عدم رفع الراية الخضراء عند خروجي من السجن".
وأوضح أن العائلة وافقت على عدم رفع الراية الخضراء والتزمت برفع "علم فلسطين" فقط، ومع ذلك فإن أجهزة السلطة فضّت مراسم الاستقبال بالقوّة والهدف "التنغيص".
واندلعت مواجهات بين الشبان المشاركين في الحفل وأجهزة السلطة، ما أسفر عن إصابة عددٍ منهم نتيجة إلقاء عناصر السلطة قنابل الغاز والصوت، فيما عمّت حالة من الاستياء والغضب في أرجاء المحافظة.