انطلاقًا من الحق في الوجود والبقاء وحقّ تقرير المصير، أقرّ القانون الدولي لجميع الشعوب المحتلة حقها في الدفاع الشرعي، ومواجهة الاحتلال، بجميع السبل الممكنة، بما في ذلك الكفاح المسلح، إذ لا يوجد أي نص أو قاعدة قانونية تمنع استخدام سكان الأراضي المحتلة للسلاح أو تنفيذهم لأي نشاط وطني أو مقاوم ضد الاحتلال، بل جعلت من الواجب على الشعوب القيام بما يتحتم عليها من المواجهة لإنهاء احتلال أراضيهم، كما اعتبرت المواثيق والشرائع الدولية الاحتلال سلطة قائمة بالقوّة لا على سلطة القانون، لذلك فإن ضمان إزالتها لا يأتي إلا بالقوة بغض النظر عن ماهيّة هذه القوة.
كما أقرت قواعد القانون الدولي الحقّ في الاشتراك والتعاون المباشر في مواجهة سلطات الاحتلال بوضوحٍ وصراحة؛ دفاعًا عن الوطن وحريته وشرفه وكرامته، ورفضًا للانصياع لأوامر الاحتلال وسياساته، وما تضمّنه ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات لاهاي في عام 1899م و1907 يُعدّ أهمّ ركائز تجسيد حق الشعوب في مقاومة الاحتلال، إضافة إلى نصّ قرار الجمعية العامة رقم 2649 لسنة 1970م، الذي أكّد على حق الشعوب في نضالها، إذ جاء فيه "إن الجمعية العامة للأمم المتحدة لتؤكد شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والمعترف بحقها في تقرير المصير، لكي تستعيد ذلك الحق بأي وسيلة في متناولها… وتعد أن الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها خلافًا لحق شعوب تلك الأراضي في تقرير المصير، ولا يمكن قبوله ويشكّل خرقًا فاحشًا للميثاق".
كما جاء القرار رقم 2787 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ليؤكد نفس المضمون، وهناك العشرات من النصوص والقرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة بأجهزتها المختلفة التي تؤكد شرعية كفاح الشعوب في سبيل الاستقلال والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والتحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية، ومن التحكم الأجنبي، بكل ما تملك هذه الشعوب من وسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح. تأتي المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي الظالم مشابهةً لجميع أمثلة وحالات حركات التحرر والمقاومة في العالم على مر العصور، فما زال الشعب الفلسطيني يعيش تحت احتلال منذ عام 1948م قائم على جرائم القتل والتشريد والعربدة والاستيلاء على الممتلكات الخاصة والعامة واستباحة الحقوق وتهويد المقدسات، لذلك فإن تأصيل وترسيخ الحقّ في المقاومة النابع من الشرعية الدولية يمنح الفلسطينيين الأساس القانوني ذا البعد الدولي المُشرع لمواجهة الاحتلال وإعداد العُدّة لمعركة التحرُّر بكل الوسائل الممكنة، فالاحتلال الإسرائيلي أمرٌ واقعٌ لا يعبّر أبدًا عن حالة قانونية، بل يتعارض مع القانون الدولي، وعليه يكون واجبًا على كل عربيٍّ العمل من أجل إنهاء هذه الحالة وصولًا لدحر القوات المحتلة بالحرب أو المقاومة.
وعليه يجب على المجتمع الدولي تبسيط الإمكانات وتذليل العقبات والقيام بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية في دعم جهود الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه، إعمالًا لحقه الأساسي في تقرير المصير، كما ويجب على شعوب العالم وأحراره الالتفاف حول نضال الشعب الفلسطيني المشروع ومساندته في توضيح صورة مقاومته وبيان مظلوميته، وعلى الشعب الفلسطيني المقاوم إعداد العدة لدعم مقاومته وتحصينها وحماية ظهرها في معركتها مع الاحتلال.