فلسطين أون لاين

لكل بيت شجرة في قطاع غزة

زُرت مشاتل أشجار الزينة التي تعدها وزارة الزراعة في غزة وخان يونس، وزرت مشاتل أشجار الزينة التي تعدها بلدية خان يونس، وبكل تأكيد، هذا دأب معظم بلديات قطاع غزة، وهي تنفذ دورها في تجهيز مشاتل أشجار الزينة، ومن المفارقات العجيبة، أن أكثر بلد في العالم يجهز ويعد أشتال الزينة للشوارع ـ وفق المساحةـ هو قطاع غزة، وقد يكون أقل بلد في العالم تكسو شوارعُه أشجار الزينة.

وعلى مدار السنوات الماضية، جهزت  ملايين الأشتال من أشجار الكينيا والفيكس والبوتسيانا، وغيرها من الأشتال التي شجرت في مشاتل الوزارة والبلديات، وقد تم توفير حمايات الشبك لهذه الأشجار، ووزعت على عشرات الشوارع، بما يفيض عن حاجة البيوت ولكن، لم يبقَ منها شيئاً، فقد امتدت يد خبيثة، سرقت الحماية، قبل أن تقلع الشجرة، لتبيت الكثير من الشوارع في قطاع غزة عارية من الخضرة، وتشكو الجفاف.

في قطاع غزة ينقص الكثير من الناس ثقافة الشجرة، واحترام العود الأخضر، وكأن ما بين البعض وبين الخضرة والنضارة مسافة من القحط أو عدم الاهتمام، أو عدم إدراك لأهمية الشجرة في حياتنا، لذلك تجد يد العابثين تمتد إلى الشجرة فتَقلعها، ولا تجد من يغار عليها، ولا تجد أي معترض على العابثين بالشجرة، وكأن الأمر لا يعني المواطن، فطالما كانت الشجرة ملكًا عامًا، فهي غير جديرة لا بالحمية ولا بالحماية.

الناس في قطاع غزة يحترمون الملك الخاص، فإن كانت الشجرة تخص البيت، ولها صاحب، فلا أحد يقترب منها، إلا ما ندر، وإن كانت ملكًا للشارع، فدمها مباح، وقطعها وتخريبها جزء من السلوك الهمجي العام، وهذه نقطة يجب التوقف عندها ومناقشتها، والعمل على خلق حالة من الوعي بالملك العام، مع تأكيد المنفعة العامة، التي قد تفوق بقيمتها المنفعة الشخصية.

في بيوت الناس في قطاع غزة، يزرعون الأشجار، ويهتمون بها، إذا وجدوا لذلك سبيلًا، بل ويهتم الكثير بنظافة البيت من الداخل، فإذا تعدى حدود البيت، يصير الشارع ملكًا عاماً، غير جدير لا بالنظافة ولا بالتشجير، وهذه سلوكيات بحاجة إلى علاج، فنظافة البيت تبدأ من الشارع، ونظافة الشارع تبدأ من الحي، وهنا تكمن قيمة الشجرة التي ينتفع بها الجار، قبل أن يستفيد منها صاحب البيت، وإذا كانت الشجرة في البيت تخدم صاحبها بظلها وثمارها، فالشجرة في الشارع تخدم كل الناس، بنضرتها وخضرتها.

لا نمتلك إلا أن نثمن دور وزارة الزراعة، والبلديات، وكل جهة تسهم في تطوير النمو الخضري في قطاع غزة، ونقف بسيف الكلمة مع هذه المؤسسات في حربها ضد إبادة الشجرة، فالوزارة والبلدية تزرع، ويد المخربين تقلع، إنها الحرب الخفية التي يخوضها من عشق الوطن أخضر اللون يافعًا، وهنا تقع المسؤولية على خطيب المسجد، وعلى جلسات تحفيظ القرآن، وتقع المسؤولية على المدرسة والمؤسسة والنادي والجمعيات وعلى الوجهاء، وتقع المسؤولية أولاً وأخيراً على الأم، فالأم مدرسة، إذا أدركت أهميتها في بناء الإنسان، صار الشارع بنظافته وأشجاره وزينته مقياسًا لجمال المرأة الفلسطينية.