فلسطين أون لاين

تقرير "باب الرحمة".. 4 سنوات على صلاة "الفتح" وكسر "القفل المغلق"

...
القدس المحتلة-غزة/ يحيى اليعقوبي:

في 22 فبراير شباط 2019، تُوّجت اعتصامات شعبية مكثفة على مدار أيام، بصلاة جمعة أمّها آلاف المقدسيين اندفعوا بحماس نحو محيط مصلى باب الرحمة شرقي المسجد الأقصى وفتحوه عنوةً بعد أن ظلّ مغلقًا على مدار 16 عامًا.

بدأت الأحداث التي عرفت بـ"هبّة باب الرحمة"، حينما أقفل الاحتلال البوابة الحديدية المؤدية إلى درج حجري يوصل نحو المصلى، في منتصف فبراير شباط 2019 بحجة عقد الأوقاف الإسلامية اجتماعًا داخل المصلى.

اقرأ المزيد:"هبَّة باب الرحمة".. إنجاز تاريخي واستهداف متواصل

احتشد المصلون وازدادت أعدادهم في محيط المصلى، الذي شهد اشتباكات مع قوات الاحتلال ليلة التاسع عشر من فبراير شباط، على أثرها أصيب واعتقل العشرات منهم، حتى توجت بالصلاة الحاشدة.

أهمية تاريخية

وللمصلى مكانة تاريخية إسلامية، فباب الرحمة بناه الأمويون قبل 1300 عام ليكون مشتركًا بين سور القدس والمسجد الأقصى، ويلاصقه مصلى الباب وهو عبارة عن قاعة كبيرة سقفها على شكل قبة تحملها أعمدة رخامية.

ظل مفتوحًا حتى العهد العباسي، ثم احتلّه الفرنجة وفتحوه، وقدسوه زعمًا منهم أنه الباب الذي دخل منه السيد المسيح قبل تحرير القدس على يد صلاح الدين الأيوبي الذي أغلقه لأسباب أمنية، وفي المرحلتين المملوكية والعثمانية أعيدت إليه الحياة، واعتكف فيه الإمام أبو حامد الغزالي وألف كتابه "إحياء علوم الدين".

لكن في عهد الانتداب البريطاني تعرض المصلى للتضييق على المصلين دون إغلاقه، ثم أهمل بعد الاحتلال الإسرائيلي لشرقي القدس عام 1967، حتى شهد انتعاشةً عام 1992 بعدما اتخذته لجنة التراث الإسلامي مقرًا لها وأحيَته بتنظيم فعاليات دينية واجتماعية، إلى أن أغلقه الاحتلال عام 2003 ثم أعاد المقدسيون فتحه عام 2019.

سد منيع

يقول رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ناجح بكيرات، إنه وبالرغم من تضييق الاحتلال فإن مصلى باب الرحمة ما يزال مفتوحًا ويستقبل الزوار، ويقف سدًا منيعًا أمام محاولات فرض واقع جديد على المسجد الأقصى بالباب ومحاولة تفريغه من المصلين والسماح للمستوطنين بتدنيسه دون أي قيود.

وأكد بكيرات لصحيفة "فلسطين" أن باب الرحمة جزءٌ لا يتجزأ من المسجد الأقصى، ومستهدف كبقية أجزاء المسجد والمدينة المقدسة، وكان الاحتلال يحاول عزل المصلى وفصله وقطعه من جسد الأقصى بقرار الإغلاق عام 2003، والهدف أن يجففه من الذاكرة لتمرير رواية توراتية تلمودية تزعم وجود علاقة لليهود بالمصلى.

ووصف مخطط الاحتلال بأنه "خيال ذهب أدراج الرياح" حينما هبت الجماهير المقدسية، وأعادت فتحه ومنذ ثلاثة أعوام لم يعد باب للمصلى بل أصبح مفتوحًا على مدار الوقت، حتى لا يعيد الاحتلال إغلاقه، ويستطيع أي مسلم الصلاة والاعتكاف فيه.

وبحسب بكيرات، يعاني المصلى "دلفَ" المياه من سقفه وحجارته التاريخية، وانتهاكات شرطة الاحتلال بين الفينة والأخرى في أثناء التفتيش ودخولهم بالأحذية، وتضييقها على المصلين، وصمتها على اعتداءات المستوطنين وأدائهم طقوسًا تلمودية بالقرب منه.

وأكد بكيرات أن إعادة فتح المصلى أوصل رسالة للاحتلال أنه لا يمكن اقتطاع أي جزء من الأقصى، ورسالة للأمة أنه حينما تتحرك الجماهير وتنزل للشوارع فلا تستطيع أي حكومة مهما كانت قوتها الوقوف أمام إرادتها.

وقال إن "هبة باب الرحمة" أعادت المصلى للذاكرة لكونه له أهمية عبر التاريخ منذ البعثة النبوية، وهو جزء من العقيدة.

تغييرات مهمة

ويرى الباحث المقدسي ناصر الهدمي، أن فتح باب الرحمة وإعادته لأن يكون مصلى يعمره المسلمون ويصلون فيه، حلقة في سلسلة من التغيرات والنقاط المهمة التي حدثت في السنوات الأخيرة، بدأت عام 2017 بهبة "البوابات الإلكترونية" واستمرت المواجهة حتى "هبة باب الرحمة".

وقال الهدمي لصحيفة "فلسطين"، "إن الهبة أحبطت مخطط الاحتلال بالسيطرة على المصلى وتحويله لكنيس يهودي أو مدخل للمستوطنين من خارج أسوار البلدة القديمة إلى داخل المسجد الأقصى".

وأضاف أن الجانب الآخر هو الشعور بالقدرة على مواجهة الاحتلال، فمثل باب الرحمة محطة أثبت فيها الشعب أنه صاحب سيادة، واستطاع المحافظة عليه وإعادة افتتاحه.

وبالرغم من أن المقدسيين استطاعوا فتح باب المصلى، إلا أن ملفه ما زال مفتوحًا، وهناك حكم إسرائيلي بأن يغلق، لكن حتى اللحظة لم يستطيعوا تنفيذه أو إجبار المقدسيين على إغلاقه، وفق الهدمي.

ويعتقد أن الشعب الفلسطيني وصل لقناعة أنه يستطيع التخلص من الاحتلال وأنه غير مضطر للتعايش والتأقلم معه، ومحطة باب الرحمة أثرت فيه ورفعت معنوياته وأعطته إشارة أنه يستطيع التوحد وتجاوز اتفاق "أوسلو".

المصدر / فلسطين أون لاين