حين أسست الحركة الصهيونية ما يسمى (إسرائيل) ككيان سياسي بدعم دولي على حساب أصحاب الحق والأرض الفلسطينيين، هذه الحالة غير المبررة من الاضطهاد أنشئت تلقائيًّا حركات مقاومة فلسطينية وعربية للتصدي لعنجهية الاحتلال وصلت في كثير من الأحيان إلى حد الحروب والمعارك، مما جعل التطرف والغلو له دور كبير في المعادلات الإستراتيجية في المنطقة، كذلك ساعدت حالة التوحد بين مساعي الحركة الصهيونية المتطرفة والأطماع الاستعمارية (الأمريكية والبريطانية) إلى توسع رقعته، فمنذ اللحظة الأولى لنكبة الشعب الفلسطيني عام 1948م هذا التاريخ الذي يعتبر نقطة تحول هامة في مسار التطرف والغلو في المنطقة حين عملت هذه القوى على إحلال كيان غاصب متطرف مكان شعب وكيان فلسطيني قائم، في ظل الحلم الصهيوني القائم على ادعاءات تلفيقية وأيدلوجيا مشوهة تبرر للمحتل القتل واغتصاب الحقوق وتمجيد العنف والعدوان لا يمكن تغيير الواقع الحالي إلا من خلال تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير بكل الطرق والوسائل بما في ذلك المقاومة المسلحة، هذا ما ضمنته كل الأعراف والشرائع الدولية وأكدته قرارات الأمم المتحدة بأجهزتها المختلفة.
تلك الضمانات التي أقرتها الأمم المتحدة والكثير من الأحداث التي تذكر الاحتلال بفاشيته، والتي كان آخرها طرد ممثلة الاحتلال وسحب بطاقة دخولها كعضو مراقب في القمة الإفريقية الـ36 في أديس أبابا وغيرها من المواقف على مستوى شعوب العالم المنحازة للحق الفلسطيني، تشكل قلق دائم ومتواصل للحكومات الصهيونية المتتابعة والتي تؤمن بأن من لا يأتي بالعنف يأتي بالكثير من العنف، لذلك فان الوجود الصهيوني في فلسطين محكوم بحالة من العداء لعلمهم اليقيني بأنهم بمثابة عضو فاسد مزروع بجسم ترفضه بقية الأعضاء، هذا ما يفسر أفعالهم العدائية الممنهجة المنبثقة عن فلسفة العنف اللامحدود وعدم الشعور بالأمن منذ عدوانهم واحتلالهم فلسطين عام 1948م، بل إن الملاحظ كمية الحقد والعداء للعرب والمسلمين عامة وللفلسطينيين خاصة في مناهج تعليمهم وتجمعاتهم التي تبنى على عقدة الخوف من الفناء والإبادة وتتغذى بماضي مزيف من الاضطهاد لليهود في العالم، كل ذلك يأتي من أجل تبرير اغتصابهم للحقوق وإبقاء شعلة العنف موقدة، وإبقاء بوصلة نهج المستوطنين متجهة نحو العسكرية الغليظة ونزع أي شعور بالإنسانية تجاه ضحاياهم من الفلسطينيين والعرب، وهذا ما يفسر مشاهد الإعدامات الميدانية للمدنيين والأطفال الفلسطينيين على حواجز الموت في الضفة الغربية وغيرها من مشاهد دموية يشاهدها العالم باستمرار، والاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين العزل سواء بقصف البيوت على ساكنيها بسلاح محرم دوليًّا أو التعمد باستهداف الأطفال والمدنيين واحداث اكبر ضرر ممكن أو بأساليب أخرى كالحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 17 عامًا أذاق أهله أنواع العذاب الذي يعكس الصورة التجريدية للإرهاب والعنف وتجسيداً للشر بأفظع الصور.
إن استمرار صمت المجتمع الدولي ودعم الغرب اللامحدود للاحتلال وحالات سعي بعض الأنظمة العربية لإقامة علاقات مع قادة الإجرام في دولة الاحتلال على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، في ظل ارتفاع وتيرة التطرف وممارسات الاحتلال الاجرامية وخاصة بعد تشكيل (حكومة نتنياهو المتطرفة) ستنتج حتماً موجة عاتية من العنف والعنف المضاد وخاصة أن هذه الحكومة منذ اللحظة الأولى تسعى لشرعنة وتبرير أفعالها الإجرامية، التي وصلت إلى حد الاشمئزاز والتقزز من مستوى عنصريتها المجافية للأخلاق وسلوكها العدواني بحق الفلسطينيين وسلوكها الإرهابي المتطرف الذي تسعى من خلاله لإشباع رغبات الناخبين وغرائز المستوطنين بتفريغ فلسطين من ساكنيها العرب.