فلسطين أون لاين

​صناعة الكحل.. هواية ورزق

...
رام الله/ غزة - فاطمة أبو حية

تعلمت صناعة الكحل العربي على يد أمها وجدتها في طفولتها، ولم تكن، آنذاك، الوحيدة التي ورثت صناعة الكحل العربي، فهذه الصناعة كانت شائعة في قريتها "بيت ريما"، وكان من الطبيعي أن تجيدها معظم بنات جنسها، لكن الاندثار كان مصير "الكحل" كما هو مصير كثير من الأمور التراثية، لذا فإن "إكرام الريماوي" هي الوحيدة التي تتمسك بهذا العمل حتى الآن..

هواية وعمل

تزوجت ضيفتنا الأربعينية بعد حصولها على شهادة الثانوية العامة، وبعد 13 سنة على زواجها، قررت أن تعود إلى الدراسة، فحصلت في 2007 على شهادة بكالوريوس تؤهلها لأن تكون معلمة تربية إسلامية، ولكن الحصول على وظيفة ليس أمرا سهلا، لذا عادت إلى هوايتها القديمة، لتستمع بممارستها، وفي الوقت ذاتها تكون قد فتحت لنفسها باب رزق، أضف إلى ذلك المساهمة في الحفاظ على التراث الفلسطيني.

ولم تكتفِ الريماوي بصناعة الكحل العربي، وإنما أضافت إليه منتجات أخرى من صنع يديها، وتعتمد في أغلبها على المواد الطبيعية، وتجرّبها بنفسها أولا، ويستخدمها المقربون منها أيضا، لتضمن جودتها وصلاحيتها للاستخدام قبل أن تبيعها للآخرين.

تقول الريماوي في حديثها لـ"فلسطين": "كنت أصنع الكحل، وأشياء أخرى، منذ زمن، ولكن منتجاتي كلها كانت للاستخدام الشخصي، ولكن بعدما أنهيت الدراسة الجامعية ولم أحصل على وظيفة، قررت أن أضع هواياتي في خدمة مشروع عمل خاص، وبدأت بذلك قبل سنة من الآن".

وتضيف: "فور أن فكرت ببيع منتجاتي، بدأت على الفور، لم أتردد لأنني، أنا شخصيا، أول من جرب هذه المنتجات واستفاد منها، وكان أول منتج بعته هو تركيبة لإنبات شعر الرأس، وهو من نفس خامة الكحل".

ومما تنتجه الريماوي، إلى جانب الكحل، كريمات لترطيب البشرة وإزالة التجاعيد والوقاية من الشمس، وشامبو، وكريمات لتنعيم الشعر، وصبغة للحواجب، وخلطة لتكثيف الرموش، بالإضافة إلى مشغولات من الخرز، ومنتجات أخرى.

وتوضح: "الإقبال على المنتجات الطبيعية كبير، باستثناء الكحل، فقليل من النساء تشترين هذا المنتج، وأغلبهن من كبيرات السن، فحتى من تبدين إعجابهن به، ترفضن شراءه، خوفا من طريقة وضعه في العين"، مبينة: "انتشار الكحل المصنع هو ما أوقف نساء قريتي عن صناعته، فهو يجذب السيدات أكثر من الطبيعي".

وعن الكحل، تقول الريماوي: "أصنعه من نوى الزيتون المخلل بكل أنواعه، والتمر، وأحصل عليه مما نتناوله في البيت، أو مما تزودني به بعض قريباتي وجاراتي، فهن يحتفظن بالنوى لأجلي"، مضيفة: "أغسل النوى جيدا، ثم أتركه تحت أشعة الشمس لفترة حتى يجف، وبعدها أحمّصه، وأطحنه، وأخيرًا أمرره عبر (شاش طبي) لأتأكد من أنه مطحون جيدا".

وتتابع: "أستخدم أدوات المطبخ في إنتاج الكحل، في غسل النوى وتحميصه وطحنه، وأطحنه بدرجات متفاوتة حسب استخدامه، فما سيكون للعين أجعله ناعما للغاية، وما هو لإنبات الشعر أجعله خشن قليلا، ولكن مؤخرا أصبحت أزيد نعومته بناء على طلب الزبائن".

وتشير إلى أن إنتاج الكحل لا يحتاج لكثير من الوقت، فمن الممكن أن يجهز في يوم واحد، لافتة إلى أن النظافة أمر مهم جدا في عملية الإنتاج، لذا فغسل النوى يتم بعناية، وكذلك لا بد من التأكد من نظافة الأدوات المستخدمة.

ووفقا لتجربتها، فإنها كانت تتضرر عيناها من أنواع الكحل المنتشرة في الأسواق، على عكس كحلها الطبيعي بالإضافة إلى أن سعره بسيط جدا.

وتلفت إلى أن توفير علب الكحل المتعارف عليها "المكحلة" صعب، ويرفع السعر، لذا فهي تبع منتجها في علب عادية.

ولا تنتج الريماوي الكحل في أوقات معينة من السنة، بل على مدار العام، ذلك لأنها لا تلجأ للزيتون المتساقط عن الأشجار كما في طرق أخرى.

وتطالب الريماوي بأن تتبنى كل الجهات المسؤولة، حكومية أو غير حكومية لدعم وتشجيع هذا الأمر، وذلك لكون الكحل صنعة تراثية أوشكت على الاندثار تماما.