كعادته خرج الحاج فاروق دبابش، الرجل الستيني، من منزله في حي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة، حاملاً كيسًا بلاستيكيًا أبيض اللون لجمع الحطب.
كانت هذه المهمة العادية ضرورية لدبابش، ولعائلته، حيث أن الاحتلال "الإسرائيلي" يمنع دخول غاز الطهي إلى المدينة منذ بداية الحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023.
وكان الحاج فاروق، البالغ من العمر (68 عامًا) يحاول تأمين بعض الحطب لطهي الطعام وتوفير احتياجات أسرته المكونة من ستة أفراد.
فما أن وصل إلى الشارع الثالث، لم يلبث أن بدأ في جمع الحطب حتى باغتته طائرة مسيرة من نوع "كواد كابتر" لتطلق عليه عدة طلقات نارية، ويترك ينزف لساعات طويلة ولم يسمح لأحد الوصول للمكان ليُسقطه القدر شهيدًا في لحظة لم يكن يتوقعها.
مرت ساعات ثقيلة على كاهل عائلته، والقول لمحمد دبابش، أحد أقارب الشهيد، وهم يتنقلون في عدة مناطق بحثًا عنه وكانت قلوبهم مليئة بالقلق والخوف، بينما كانوا يحاولون معرفة مصيره ولكن دون جدوى فالطائرات تملأ الأجواء وتطلق نيرانها على كل من يحاول الوصول إلى الشارع الثالث بحي الشيخ رضوان أو اجتيازه.
وبعد ساعات من البحث المضني، بحسب دبابش، أبلغهم بعض الشبان أنهم رأوا شخصًا يحمل نفس مواصفاته الستيني "فاروق" وقد تعرض لإطلاق النار من طائرة "كواد كابتر"، لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إليه بسبب القصف المستمر على المكان.
ويكمل دبابش: "بعد محاولات عدة، تمكنا من الوصول إلى المكان عند الساعة الثانية مساءً، وعندها وجدنا الحاج فاروق قد فارق الحياة، بعد أن ترك ينزف لساعات دون أن يُسمح لأحد بالوصول إليه أو نقله إلى المستشفى".
ومنذ السابع من أكتوبر 2023م، تصاعدت عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، حيث أصبحت عمليات القتل المتعمد والإعدام خارج إطار القانون سيدة الموقف، وباستخدام الطائرات المسيرة، يقوم الاحتلال بقنص المدنيين وإطلاق النار عليهم في مختلف أنحاء القطاع، مما يزيد من حدة المأساة الإنسانية.
وتستخدم الطائرات المسيّرة، وفقًا لتقارير حقوقية، لأغراض متعددة، منها المراقبة والتجسس، ولكن الأدهى من ذلك هو استخدامها كأداة قتل.
ووثقت العديد من المراكز الحقوقية حالات متزايدة من القتل الذي يرتكبه الجيش الإسرائيلي عبر إطلاق نار مباشر، بالإضافة إلى إلقاء قنابل متفجرة على المناطق السكنية.
وفي بيان للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، تم التأكيد على أن الجيش الإسرائيلي يستخدم طائرات "كواد كابتر" الإلكترونية عن بُعد، ليس فقط للرقابة، بل لترهيب المدنيين وإصدار أصوات مزعجة ما يزيد من معاناة الغزيين في ظل الظروف الحالية الصعبة التي يعيشونها.