كشفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عرض أسماء من أجل النظر في خلافة رئيس السلطة محمود عباس، وبحسب مصادر مقربة من الرئيس الفرنسي، طلب الرئيس ماكرون من القنصل الفرنسي في القدس ومن السفير الفرنسي بدولة الاحتلال ومن رئيس جهاز المخابرات الخارجية أن يعد كل منهم قائمة باسمَين من " فلسطينيي المستقبل" الذين يمكنهم خلافة رئيس السلطة، وطلب من المسؤولين السابقين في المواقع المذكورة الطلب ذاته، المصدر المشار إليه يقول إن الرئيس طلب منه التفكير في أي من الفلسطينيين يمكن أن يكون رجل المرحلة، مشيرًا إلى أولئك الذين لديهم الأفكار الجديدة للخروج من حالة الشلل الحالية.
ما نقلته " لوفيغارو" وما يفكر به الرئيس الفرنسي يذكرنا بما قاله الرئيس الأمريكي بوش الابن عام 2002 حول سياسته في الشرق الأوسط و"حل الدولتين"، إذ قال حينها: السلام يتطلب قيادة فلسطينية جديدة ومختلفة حتى يمكن أن تولد دولة فلسطينية، إنني أدعو الشعب الفلسطيني الى انتخاب زعماء جدد لا يشينهم "الإرهاب"، أدعوهم إلى بناء ديمقراطية حقيقية فإذا تحقق ذلك فإن أمريكا والعالم سوف يساندان جهوده.
بوش الابن أراد أن يتخلص من الرئيس الراحل ياسر عرفات، وقد كان له ذلك وجاء خليفته رئيس السلطة محمود عباس، والآن تريد فرنسا أن تتخلص من عباس، ولكن ما الذي تغيّر منذ مرور عقدين من الزمان على كلمة بوش ووجود قيادة فلسطينية جديدة، ومحاربة المقاومة الفلسطينية التي وصفها بالإرهاب؟ لا يوجد دولة فلسطينية، والقيادة الجديدة مأزومة دوليًا وشعبيًا، والاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية على أشده، وهناك حكومة إسرائيلية متطرفة لا تؤمن باتفاقية أوسلو ولا تأبه لما تقوله أمريكا ولا فرنسا ولا المجتمع الدولي وتدفع المنطقة إلى حافة الهاوية ، ولكن ماكرون لا يفكر إلا في تغيير القيادة الفلسطينية.
نحن نرفض التدخل الأمريكي والفرنسي أو التدخل من أي جهة خارجية أخرى ونعده تدخلًا سافرًا ووقحًا، ولكننا أيضًا لا بد أن نقطع الطريق على هؤلاء بالشروع في ترتيب بيتنا، ومؤسساتنا بالطريقة التي نختارها وهي إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، فليست القنصلية الفرنسية في القدس ولا مخابراتها هي من تحدد من يكون رئيسنا القادم بل هو الشعب الفلسطيني وبصناديق الاقتراع.
فرنسا "أم الديمقراطية" في العالم تمارس البلطجة والعربدة في منطقتنا وتريد هي أن تُنصب من تشاء لقيادة الشعب الفلسطيني.
إذا كنا ندعي أننا أصحاب الحق في تقرير مصيرنا، وإذا كنا ندعي أننا حريصون على مصالح شعبنا وتحقيق أهدافه لا بد لكل من يقول إنه قائد أن يسعى بكل جدية لتغيير هذا الواقع والخروج من هذه الفوضى، وذلك لا يكون بالكلام والتنظير وإنما بالقرار العاجل لإجراء الانتخابات العامة والشاملة حتى يختار شعبنا من يمثله ومن يتصدى لكل المؤامرات التي تحاك ضده وضد قضيته.