فلسطين أون لاين

ماذا تعرف عن مخترع بالونات التجسس الصينية؟

...

"من أين جاءت فكرة البالونات الطائرة؟ من اخترعها؟ ما الهدف الأساسي منها؟" تساؤلات عدة أثارها إسقاط أربعة أجسام طائرة فوق الولايات المتحدة وكندا، في أقل من عشرة أيام منذ بداية فبراير الجاري، بعدما قالت واشنطن إن أحدها منطاد تجسس صيني.

وبعد بحث في سجلات الشركات والتقارير ووسائل الإعلام، توصلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الاثنين، إلى أن اسم العالم الذي يقف خلف فكرة اختراع المنطاد، ويعمل في مركز برنامج المناطيد الصينية ذات الارتفاعات العالية هو وو زي. واكتشفت الصحيفة أن الشركات التي أسسها هذا العالم هي ضمن قائمة الشركات التي استهدفتها عقوبات أميركية.

وبدأت القصة، كما أوضحت "واشنطن بوست"، في عام ٢٠١٩، عندما أصدر أحد كبار علماء الطيران في الصين، وو زي، إعلانا لم يحظ باهتمام كبير في ذلك الوقت، قال فيه إن فريقه أطلق منطادا على ارتفاع يزيد عن 60 ألف قدم في الجو، وأرسله ليبحر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عبر أميركا الشمالية.

وكان المنطاد الذي أطلق عليه اسم "كلاود تشيس" أو "مطاردة السحاب"، يعد وقتها ثورة في عالم البالونات الموجهة التي يمكن استخدامها للحصول على تحذيرات مبكرة من الكوارث الطبيعية، ومراقبة مشاكل التلوث، أو تنفيذ عمليات المراقبة من خلال الجو. كما كشف طموحات الحكومة الصينية لاستخدام المناطيد عالية الارتفاع لتتبع الأنشطة الأرضية، مع التركيز على كل من الاحتياجات المحلية والعسكرية، وفقا للصحيفة.

وتشير الدراسات الأكاديمية وخطابات المسؤولين الصينيين التي توصلت إليهم "واشنطن بوست" إلى أن دور وو زي كان محوريا في جهود تنمية تقنيات صناعة البالون في الصين.

تبادل المناطيد

وفي تقريرها في ٢ فبراير، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها تتبع منطادا يحلق على ارتفاع عال فوق أراضي الولايات المتحدة. وأكدت واشنطن أن الأمر يتعلق بمنطاد تجسس صيني دخل الأراضي الأميركية قبل أيام عدة. وبعد هذه الواقعة بيومين، أسقط الجيش الأميركي في ٤ فبراير، المنطاد قبالة سواحل ولاية كارولاينا الجنوبية.

وردت بكين بالقول إن البالون مركبة مدنية تستخدم لأغراض البحث، لاسيما للأرصاد الجوية، وأمس الاثنين، أعلنت الصين  أن مناطيد أميركية دخلت مجالها الجوي "أكثر من 10 مرّات" منذ يناير 2022.

وكانت واشنطن، قد أعلنت، في ١٠ فبراير، إسقاط "جسم" طائر على علو مرتفع فوق ألاسكا. وقال ناطق باسم البيت الأبيض: "لا نعرف من يملك هذا الجسم، أكان دولة أم شركة أم فردا.. ولا نعرف حتى الساعة الغرض من استخدامه".

ليخرج بعدها رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، معلنا إسقاط "جسم مجهول" كان يحلق فوق شمال غرب كندا في إطار عملية مشتركة بين واشنطن وأوتاوا.

وأسقط "جسم" رابع، أمس الأحد، بواسطة طائرة مقاتلة من طراز "أف-16" فوق بحيرة هورون في شمال الولايات المتحدة.

وبعد تتبعها للتاريخ الأكاديمي لوو زي، ذكت "واشنطن بوست" أنه أكاديمي كبير في جامعة بيهانغ Beihang، وهي مؤسسة مقرها بكين تأتي في طليعة أبحاث الطيران والفضاء في الصين، وعمل وو زي أيضًا في تطوير المناطيد لما يقرب من عقدين من الزمن. ويعد وو زي مؤسسًا أو مساهمًا رئيسيًا في ثلاثة على الأقل من الكيانات الصينية الستة التي عاقبتها واشنطن، الأسبوع الماضي، لتورطها في ما تسميه إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، برنامج بالون المراقبة في بكين. وحاليا تندرج العديد من شركاته الأخرى ضمن خطط التتبع والمراقبة من قبل الإدارة الأميركية.

وظهر وو زي، الذي يبلغ من العمر 66 عامًا فبراير الجاري، كشخصية محورية في طموحات الصين في "الفضاء القريب" الذي يقاس من مسافة 12 و 62 ميلاً فوق سطح الأرض، وهي مسافة مرتفعة جدًا بالنسبة لمعظم الطائرات للبقاء عالياً لفترة طويلة ومنخفضة جدًا بالنسبة للأقمار الصناعية الفضائية، بحسب الصحيفة الأميركية.

وساعد وو زي، أيضا، في تصميم المقاتلات النفاثة، وطور خبرته في المواد الخفية الخارقة الصينية الجديدة (Metamaterials) التي تجعل الطائرات أكثر تخفياً وأخف وزناً وأرخص تكلفة في البناء. وفاز بجوائز من الجيش الصيني على عمله. ووصل إلى منصب نائب رئيس جامعة بيهانغ Beihang قبل أن يقرر العودة إلى البحث والتدريس. كما كان عضوًا في لجنة استشارية لقسم التسليح العام المنحل حاليًا بجيش التحرير الشعبي، وفقًا لما نقلته "واشنطن بوست" عن سيرته الذاتية على موقع جامعة بيهانغ.

ويرى الاستراتيجيون الصينيون في الفضاء القريب ساحة لتعميق التنافس بين القوى العظمى، حيث يجب أن تتقن الصين المواد والتقنيات الجديدة اللازمة لتأسيس وجود قوي، أو المخاطرة بالتغلب على هذه القوى. وقد تعمق هذا القلق مع توتر العلاقات مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس الصيني، شي جين بينغ.

ويرى المحللون الصينيون أن الفضاء القريب يوفر بديلاً مفيدًا محتملًا للأقمار الصناعية وطائرات المراقبة، والتي قد تصبح عرضة للاكتشاف أو الحجب أو الهجمات، وفقا للصحيفة الأميركية.

المصدر / وكالات