فتحاويًا مَن الأجدر لتولّي المنصب الدبلوماسي في السفارات التابعة للسلطة حول العالم المرأة أم الرجل؟
تساؤل قد تتفاوت الإجابة عنه بين طرف مؤيد للرجل وآخر مُعارض والعكس صحيح.
لكن في عُرف السلطة الفلسطينية الفتحاوية مقاييس التولية ومعايير الاختيار للمنصب تختلف باختلاف درجة المعرفة والقرابة الاجتماعية فقط، بمعنى إن كانت القرابة لمسؤول أو قيادي فتحاوي في السلطة تتساوى ويتعالج الأمر، فكلهم في وراثة المناصب القيادية والسفارات شركاء باستثناء بعض الشكليات الجوهرية، كالميل للطرف الألطف والأرق مثل المرأة ولا سيّما، أنها تتمتع بامتيازات ومواصفات تختلف تمامًا عن الرجل وتتناسب مع رغبة الدبلوماسية الفلسطينية الفتحاوية، ومن هنا ترسّخت ونُقلت فكرة توريث منصب السفير لدولة فلسطين، وهذا ما حدث مع السفير الأب صلاح الزواوي العضو البارز في حركة فتح والبالغ من العمر ٨٥ عامًا إلى ابنته سلام الزواوي البالغة من العمر ٤٣عامًا.
وفي العام الماضي تحديدًا مطلع يناير وكما نُشر للرأي العام الفلسطيني جاء تعيين سلام صلاح الزواوي سفيرةً لفلسطين في إيران، وذلك خلفًا لوالدها الذي شغل المنصب منذ عام ١٩٨١ حتى ٢٠٢٢ ما يُقارب أربعة عقود من عمر القضية الفلسطينية ذهبت هدرًا وهباءً منثورًا.
ومن الجدير ذكره بأننا لم نلحظ أي تقدّم دبلوماسي حققته سفارات السلطة وحتى على صعيد العلاقات السياسية الدولية وفي تلك الحقبة الممتدة من تعيين السفراء بالدول المختلفة حول العالم وإلى يومنا هذا ما تزال سلطة محمود عباس تنتهج نفس مسارها، ولم تُحدث أي تغيير يذكر على صعيد القضية الفلسطينية من حيث تعريف شعوب العالم بها بالسفراء الذين عيّنتهم باسم فلسطين.
وفيما يتعلق بإجراءات التعيين للسفراء لاحظنا على سبيل المثال لا الحصر كيف تمت مراسم تأدية اليمين القانونية والدستورية لابنة صلاح الزواوي أمام رئيس السلطة محمود عباس، الذي يُؤكد بما لا يدع مجالًا للريبة بأنَّ السلطة تتخذ نظام الحكم لديها أشبه بالملكية والوراثة ضاربة عرض الحائط بكل القوانين والمواد والاتفاقيات والأعراف الوطنية والمواثيق الدبلوماسية، فلم يعد الأمر لديها قائم على المُخالفة أو المعارضة أمرًا ذو قيمة، بدليل حتى مع تعيينها مُجددا ٣١ شخصية بالسلك الدبلوماسي لم يُؤخذ بعين الاعتبار ردود الفعل الغاضبة من سياسات الفساد والواسطة والمحسوبية، فالمعارض لفسادهم مصيره التغييب عن المشهد خاصة في الضفة الغربية المحتلة، والتي تُهيمن عليها سلطة فتح محمود عباس، مَن تتخذ سياسة تكميم الأفواه والملاحقة والاعتقال ومصادرة الحريات نهجًا ديكتاتوريًا مُوقّعًا باسمها ويخضع في قبضة الأجهزة الأمنية، موطن الفساد في منظومة السلطة السياسية والأمنية.
ولعلَّ السؤال الأبرز الآن وبعد تعيين ٣١ شخصية ضمن السلك الدبلوماسي منهم ٢٢ امرأة، وذلك بحسب ما نشرت وزارة الخارجية، يُطرح تساؤل حول ماهية شروط وراثة السفارة لدى سلطة محمود عباس، ولعلّ الإجابة على ذلك تكمن في:
١ _ ضرورة أن تكون صلة القرابة من جهة الأب، وليس هذا فحسب بل أن يكون مسؤولًا فتحاويًا كبيرًا ويشغل منصبًا رفيعًا في مزرعة السلطة كي يتسنّى تحقق الشرط.
٢_ يُفضّل أن تكون امرأة من قبيل ابنة قيادي فتحاوي أو مُقرّبة منه وبمواصفات معينة أبرزها إجادة استخدام اللوحة الفنية الجمالية يتخللها اللون الأحمر أو التوتي خفيف اللمعان حتى يتناسق مع الألوان التُرابية والشعر الأشقر وهذا الشرط تحقق في غالبية من وقع عليهم الاختيار بمن فيهم السفيرة ابنة سعادة السفير صلاح الزواوي التي اختصرت عليهم الطريق بالاختيار والتعيين الوراثي الملكي.
٣_ أن يكون الأب على علاقة جيدة برأس هرم السلطة الفتحاوية ويُستحسن أن تكون لديه خبرة سابقة في عمل الدبلوماسية والسفارات والبعثات الخارجية الشكلية لا الجوهرية المفصلية المعمول بها في سفارات الدول الأخرى.
٤_ المؤهل العلمي والأكاديمي أي مستوى أو درجة لايهم، فهذا ليس معيارًا للقبول والرفض.
٥_ التمتع بعلاقات جيدة مع أقارب السلطة؛ تحسُبًا لتعيينات ومناصب جديدة تندرج على القائمة، وهذا كما حدث في المرحلة الحالية.
وهناك شروط أخرى لا يتسع المجال لذكرها.
مع تأكيد أنَّ خُلاصة الشروط كما رأينا تتمثل في درجة القرابة والمعرفة؛ وذلك لنقل ملكية منصب السفير بالوراثة من الأب إلى الابنه أو الزوجة أو الصديق المُقرّب وهكذا، الأهم أن يكون مسؤولًا قياديًا، أو عضوًا، أو فتحاويًا يحظى بقبول ومودة رئيس سلطة التنسيق الأمني محمود عباس حتى يكون له نصيب من التركات السياسية الدبلوماسية المالية.